إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أي الذنب أكبر عند الله؟

          7532- وبه قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) أبو رجاءٍ قال: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ) هو ابن عبد الحميد (عَنِ الأَعْمَشِ) سليمان (عَنْ أَبِي وَائِلٍ) شقيق بن سلمة (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ) أبي ميسرة الهَمْدانيِّ، أنَّه (قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ) بن مسعودٍ: (قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ) وفي «باب قول الله: {فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً}[البقرة:22[خ¦4477] «عن عبد الله _أي: ابن مسعودٍ_: سألت رسول الله صلعم »: (أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ(1) عِنْدَ اللهِ) تعالى؟ (قَالَ) ╕ : (أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا) شريكًا (وَهْوَ خَلَقَكَ، قَالَ: ثُمَّ أَيُّ) أي: أيُّ شيءٍ من الذُّنوب أكبر من ذلك؟ (قَالَ: ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ أَنْ) ولأبي ذرٍّ: ”مخافة أن“ (يَطْعَمَ مَعَكَ، قَالَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: أَنْ) ولأبوي الوقت وذرٍّ: ”ثمَّ أن“ (تُزَانِيَ حَلِيلَةَ(2) جَارِكَ) أي: زوجته (فَأَنْزَلَ اللهُ) تبارك وتعالى (تَصْدِيقَهَا: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ}) أي: لا يشركون ({وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ}) قتلها ({إِلَّا بِالْحَقِّ}) بِقَوَدٍ أو رجمٍ أو ردَّةٍ أو شِركٍ أو سعيٍ في الأرض بالفساد ({وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ}) المذكور ({يَلْقَ أَثَامًا}) جزاء الإثم ({يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} الاية[الفرقان:69]) أي: يُعذَّب على مرور الأيَّام في الآخرة عذابًا على عذابٍ، قال في «الكواكب»: كيف وجَّه التَّصديق؟ يعني: في قوله: «فأنزل الله تصديقها» قلت: من جهة(3) إعظام هذه الثَّلاثة(4) حيث ضاعف لها العذاب وأثبت لها الخلود، وقال في «فتح الباري»: ومناسبة قوله: «فأنزل الله تصديقها...» إلى آخره للتَّرجمة أن التَّبليغ على نوعين: أحدهما _وهو الأصل_ أن يُبلِّغه بعينه وهو خاصٌّ بالقرآن، الثَّاني: أن يُبلِّغ ما يستنبط من أصول ما تقدَّم إنزاله، فينزل عليه موافقته فيما استنبطه إمَّا بنصِّه، وإمَّا بما يدلُّ على موافقته بطريق الأولى كهذه الآية، فإنَّها اشتملت على الوعيد الشَّديد في حقِّ من أشرك، وهي مطابقةٌ بالنَّصِّ، وفي حقِّ من قتل النَّفس بغير حقٍّ، وهي مطابقةٌ للحديث بطريق الأولى؛ لأنَّ القتل بغير حقٍّ وإن كان عظيمًا لكنَّ قتل الولد أقبح من قتل من ليس بولدٍ، وكذا القول في الزنى فإنَّ الزنى بحليلة الجار أعظم قبحًا من مطلق الزنى، ويحتمل أن يكون إنزال هذه الآية سابقًا على إخباره صلعم بما أُخْبرَ به، لكن لم يسمعه الصَّحابيُّ إلَّا بعد ذلك، ويحتمل أن يكون كلٌّ من الأمور الثَّلاثة نزل تعظيم الإثم فيها سابقًا، ولكن اختصَّت هذه الآية بمجموع الثلاثة في سياق واحد مع الاقتصار(5) عليها‼ فيكون المراد بالتَّصديق الموافقة في الاقتصار عليها، فعلى هذا فمطابقة الحديث للتَّرجمة ظاهرٌ(6) جدًّا، والله أعلم.


[1] في (ص): «أعظم».
[2] في (د): «بحليلة».
[3] في (ص): «وجه».
[4] في (ص): «الآية».
[5] قوله: «الإثم فيها سابقًا،... في سياق واحد مع الاقتصار» سقط من غير (د) و(س).
[6] في (ب) و(س): «ظاهرة».