إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن

          7529- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عينية (قَالَ الزُّهْرِيُّ) محمَّد بن مسلمٍ: (عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ) عبد الله بن عمرَ ☻ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ) إحداهما: (رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ) ╡ _بمدِّ همزة «آتاه»_ أي: أعطاه الله (القُرْآنَ فَهْوَ يَتْلُوهُ) ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ: ”يقوم به“ (آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ) ساعاتهما، وواحد الآناء _قال الأخفش_: أني مثل معي، وقيل: أنو، يُقال: مضى أنيان من اللَّيل وأنوان (وَ) ثانيتهما(1) (رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ) ╡ (مَالًا فَهْوَ يُنْفِقُهُ) في حقِّه (آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَار) قال البغويُّ: المراد هنا من الحسد: الغِبطة وهي أن يتمنَّى الرَّجل مثل ما لأخيه من غير أن يتمنَّى زواله عنه، والمذموم أن يتمنَّى زواله وهو الحسد، ومعنى الحديث التَّرغيب في التَّصدُّق بالمال وتعليم العلم. انتهى.
          قال عليُّ بن عبد الله المدينيُّ: (سَمِعْتُ سُفْيَانَ) ولأبوي الوقت وذرٍّ: ”سمعت من سفيان“ (مِرَارًا، لَمْ أَسْمَعْهُ يَذْكُرُ الخَبَرَ) أي: لم أسمعه بلفظ: «أخبرنا أو حدَّثنا الزُّهريُّ»، بل بلفظ: «قال»: (وَهْوَ) مع ذلك (مِنْ صَحِيحِ حَدِيثِهِ) فلا قدح فيه؛ إذ هو معلومٌ من الطُّرق الصَّحيحة، فعند الإسماعيليِّ عن أبي يَعلى عن أبي خيثمة قال: حدَّثنا سفيان هو ابن عيينة قال: حدَّثنا الزُّهريُّ عن سالمٍ به، وكذا هو في «مسلمٍ» عن أبي خيثمة زهير بن حربٍ، وقال في «الكواكب»: أورد البخاريُّ التَّرجمة مخرومةً؛ إذ ذكر من صاحب القرآن حال المحسود فقط، ومن صاحب المال حال الحاسد فقط، ولا لبسَ في ذلك؛ لأنَّه اقتصر على ذكر حامل القرآن حاسدًا ومحسودًا، وترك حال ذي المال.
          وسبق الحديث في «العلم» [خ¦73] و«فضائل القرآن» [خ¦5025] و«التَّمنِّي» [خ¦7232].


[1] في (ب): «ثانيهما».