إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قول النبي: رجل أتاه الله القرآن

          ░45▒ (بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلعم ) في حديث الباب (رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ) ╡ (القُرْآنَ فَهْوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”آناء اللَّيل وآناء النَّهار“ (وَرَجُلٌ يَقُولُ: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذَا فَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ) وقال البخاريُّ: (فَبَيَّنَ اللهُ أَنَّ قِيَامَهُ) أي: قيام الرَّجل (بِالكِتَابِ هُوَ فِعْلُهُ) حيث أسند القيام إليه، وسقط لأبي ذرٍّ والأَصيليِّ لفظ الجلالة، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”فبيَّن النَّبيُّ صلعم أنَّ قراءته الكتاب“ (وَقَالَ) تعالى: ({وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ}) أي: اللُّغات، أو أجناس النُّطق وأشكاله، وهو يشمل الكلام فتدخل القراءة ({وَأَلْوَانِكُمْ}[الروم:22]) كالسَّواد والبياض وغيرهما، ولاختلاف ذلك وقع التَّعارف، وإلَّا فلو تشاكلت الألسن والألوان(1) واتَّفقت لوقع التَّجاهل والالتباس، ولتعطَّلت المصالح، وفي ذلك آيةٌ بيِّنةٌ حيث وُلِدوا من أبٍ واحدٍ، وهم على الكثرة التي لا يعلمها إلَّا الله متفاوتون.
          (وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ}) عامٌّ يتناول سائر الخيرات كقراءة القرآن والذِّكر والدُّعاء، أو أُريد به صلة الأرحام ومكارم الأخلاق ({لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[الحج:77]) أي: كي تفوزوا، وافعلوا هذا كلَّه وأنتم راجون للفلاح غير مستيقنين، ولا تتَّكلوا على أعمالكم(2).


[1] «الألسن والألوان»: ليس في (ص) و(ع).
[2] قوله: «وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ}... مستيقنين، ولا تتَّكلوا على أعمالكم» جاء في (د) بعد قوله سابقًا: «أنَّ قراءته الكتاب»، وسقط من (ع).