إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن رجلًا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع فقال: أو لست

          7519- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ) بكسر السِّين المهملة وتخفيف النُّون الأولى، العَوقيُّ(1) قال: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ) بضمِّ الفاء مُصغَّرًا، ابن سليمان قال: (حَدَّثَنَا هِلَالٌ) هو ابن عليٍّ (عَنْ عَطَاءِ بْنِ / يَسَارٍ) بالسِّين المهملة المخفَّفة (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ : (أَنَّ النَّبِيَّ) ولأبي ذرٍّ: ”أنَّ رسول الله“ ( صلعم كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ) أصحابه (وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ) لم يُسَمَّ: (أَنَّ رَجُلًا) هو مفعول «يحدِّث»(2) (مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ) بصيغة الماضي، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي(3): ”يستأذن“ (رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ، فَقَالَ: أَوَلَسْتَ) وللكشميهنيِّ: ”فقال له: أولست“ (فِيمَا شِئْتَ؟) من المشتهيات (قَالَ: بَلَى) يا ربِّ (وَلَكِنِّي) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”ولكن“ (أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ) فأذن له (فَأَسْرَعَ وَبَذَرَ) بالذَّال المعجمة (فَتَبَادَرَ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”فبادر“ (الطَّرْفَ) بفتح الطَّاء، منصوبٌ مفعولٌ لقوله: (نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ وَتَكْوِيرُهُ) جمعه في البيدر (أَمْثَالَ الجِبَالِ) يعني: نبت واستوى إلى آخره قبل طرفة العين (فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: دُونَكَ) خذه (يَا ابْنَ آدَمَ، فَإِنَّهُ لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ) أي: لِمَا طُبِع عليه؛ لأنَّه لا يزال يطلب الازدياد إلَّا من شاء الله، وقوله: لا «يُشْبِعك»؛ بضمِّ التَّحتيَّة وسكون الشِّين المعجمة بعدها مُوحَّدةٌ مكسورةٌ، واستُشكِل هذا بقوله تعالى: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى}[طه:118] وأُجيب بأنَّ نفي الشِّبع أعمُّ من الجوع؛ لثبوت الواسطة وهي الكفاية، وأكل أهل الجنَّة لا عن جوعٍ فيها أصلًا لنفي الله له عنهم، واختُلِف في الشِّبع فيها، والمختار أن لا شبع؛ لأنَّه لو كان فيها لمنع طول الأكل المستلذِّ، وإنَّما أراد الله تعالى بقوله: «لا يشبعك شيءٌ» ذمَّ ترك تلك القناعة‼ بما(4) كان، وطلب الزِّيادة(5) عليه، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”لا يسَعك“ بفتح التَّحتيَّة والسِّين المهملة، من الوسع (فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ لَا تَجِدُ هَذَا) الذي زرع في الجنَّة (إِلَّا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، فَأَمَّا نَحْنُ) أهل البادية (فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ(6) زَرْعٍ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلعم ) ومطابقة الحديث ظاهرٌ.
          وسبق في «كتاب المزارعة» في بابٍ مجرَّدٍ عقب: «باب كراء الأرض بالذَّهب» [خ¦2348].


[1] في (د): «العوفيُّ»، وهو تصحيفٌ.
[2] «هو مفعول يحدِّث»: مثبتٌ من (د).
[3] زيد في (د): «والمُستملي».
[4] في (د) و(ع): «ممَّا».
[5] في (ع): «للزِّيادة».
[6] في (ع): «أصحاب».