إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه}

          ░16▒ (بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}[القصص:88]) أي: إلَّا إيَّاه، فالوجه يعبَّر به عن الذَّات، وإنَّما جرى على عادة العرب في التَّعبير بالأشرف عن الجملة، ومن جَعَل «شيئًا» يُطلَق على البارئ تعالى _وهو الصَّحيح_ قال: هذا استثناءٌ متصلٌ، ومن لم يطلقه عليه جعله متَّصلًا أيضًا، وجعل «الوجه» ما عُمِل لأجله، أو يجعله منقطعًا، أي: لكن هو لم يهلك، ويجوز رفع {وَجْهَهُ} على الصِّفة، وفُسِّر الهلاك بالعدم، أي: إنَّ الله تعالى يُعدِم كلَّ شيءٍ، وفُسِّر أيضًا بإخراج الشَّيء عن كونه منتفعًا به، إمَّا بالإماتة، أو بتفريق الأجزاء وإن كانت باقيةً، كما يقال: هلك الثَّوب، وقيل: معنى كونه هالكًا كونه قابلًا للهلاك في ذاته، وقال مجاهدٌ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} يعني: عِلْمَ العلماء إذا أريد به وجه الله. انتهى. وثبت لفظ: ”باب“ لأبي ذرٍّ.