إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله

          7381- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ) هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفيُّ قال: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ) بضمِّ الزَّاي مصغَّرًا، ابن معاوية الجعفيُّ قال: (حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ) بن المِقسم _بكسر الميم_ قال: (حَدَّثَنَا شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ) أبو وائلٍ الأسديُّ الكوفيُّ المخضرم (قَالَ / : قَالَ عَبْدُ اللهِ) ابن مسعودٍ ☺ : (كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صلعم فَنَقُولُ) في التَّشهُّد: (السَّلَامُ عَلَى اللهِ) أي: «من عباده» كما في الرِّواية الأخرى [خ¦835] (فَقَالَ) لنا: (النَّبِيُّ صلعم ) لمَّا فرغ من الصَّلاة: (إِنَّ اللهَ هُوَ السَّلَامُ) فأنكر التَّسليم على الله، وبيَّن أنَّ ذلك عكس ما يجب أن يقال، فإنَّ كلَّ سلامٍ ورحمةٍ له ومنه، فهو مالكها ومعطيها، وقال ابن الأنباريِّ: أمرهم أن يصرفوه إلى الخلق؛ لحاجتهم إلى السَّلامة وغناه سبحانه وتعالى عنها (وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ) جمع تحيَّةٍ، وهي «تفعلة» من الحياة، بمعنى: الإحياء والتَّبقية، واللَّام في «لله» للاختصاص، أو المراد: كلُّ ما تعظَّم به الملوك لله؛ فاللَّام للاستحقاق (وَالصَّلَوَاتُ) المعهودات في الشَّرع واجبةٌ (وَالطَّيِّبَاتُ) ما طاب من الكلام وحسن أن يُثنَى به على الله، أو ذكر الله مستحقٌّ لله (السَّلَامُ عَلَيْكَ) مبتدأٌ حُذِف خبره، أي: السَّلام عليك موجودٌ (أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ‼ الصَّالِحِينَ) إنَّما أعاد حرف الجرِّ؛ ليصحَّ العطف على الضَّمير المجرور، و«الصَّالحين» نعتٌ لـ «عباد» والصَّالح هو: القائم بحقوق الله تعالى وحقوق العباد (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) معطوفٌ على سابقه، و«رسوله»(1) «فعول» بمعنى مُرسَلٍ، و«فعول» بمعنى «مُفعَلٌ» قليلٌ، قال ابن عطيَّة: العرب تُجرِي «رسول» مجرى المصدر، فتصف به الجمع والواحد والمؤنَّث، ومنه قوله تعالى: {أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ}[مريم:19].
          والحديث سبق في «الصَّلاة» [خ¦835] بأتمَّ من هذا.


[1] في (د): «ورسول».