إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: الخيل لثلاثة: لرجل أجر ولرجل ستر

          7356- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) بن أبي أويسٍ قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (مَالِكٌ) الإمام (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) الفقيه العدويِّ مولى عمر المدنيِّ (عَنْ أَبِي صَالِحٍ) ذكوان (السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: الخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ) بكسر الواو وسكون الزَّاي: إثمٌ(1) (فَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي) هي (لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا) للجهاد (فِي سَبِيلِ اللهِ، فَأَطَالَ) في الحبل الذي ربطها به، حتَّى تسرح للرَّعي، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”فأطال‼ لها“ (فِي مَرْجٍ) بفتح الميم وبعد الرَّاء السَّاكنة جيمٌ: موضع كلأ (أَوْ رَوْضَةٍ) بالشَّكِّ من الرَّاوي (فَمَا أَصَابَتْ) أي: ما أكلت وشربت ومشت (فِي طِيَلِهَا) بكسر الطّاء المهملة وفتح التَّحتيَّة: في(2) حبلها المربوطة به (ذَلِكَ المَرْجِ) ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ: ”من المرج“ (وَالرَّوْضَةِ) ولأبي ذرٍّ: ”أو الرَّوضة“ (كَانَ لَهُ) أي: لصاحبها (حَسَنَاتٍ) يوم القيامة (وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا) حبلها المذكور (فَاسْتَنَّتْ) بفتح الفوقيَّة والنُّون المشدَّدة: عدت بمرجٍ ونشاطٍ (شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ) بفتح الشِّين المعجَمة والرَّاء والفاء(3) فيهما: شوطًا أو شوطين (كَانَتْ آثَارُهَا) بمدِّ الهمزة وبالمثلَّثة وفي الأرض بحوافرها عند خطواتها (وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ) / يوم القيامة (وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِـنَـْهَرٍ) بفتح الهاء وتسكَّن (فَشَرِبَتْ مِنْهُ) بغير قصد صاحبها (وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ بِهِ) أي: يسقيه، والباء زائدةٌ، وللأَصيليِّ: ”أن تُسْقَى“ بضمِّ الفوقيَّة وفتح القاف (كَانَ ذَلِكَ) أي: ذلك الشُّرب بغير(4)إرادته (حَسَنَاتٍ لَهُ، وَهِيَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَجْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا) بفتح الفوقيَّة والمعجَمة وكسر النُّون المشددَّة، أي: يستغني بها عن النَّاس، والنَّصب على التَّعليل (وَتَعَفُّفًا) يتعفَّف بها عن الافتقار إليهم بما يعمل عليها ويكسبه على ظهرها (وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ فِي رِقَابِهَا وَلَا ظُهُورِهَا) سقط لفظ «لا» لأبي ذرٍّ، واستدلَّ به الحنفيَّة في إيجاب الزَّكاة في الخيل، وقال غيرهم، أي: يؤدِّي زكاة تجارتها، وظهورها: بأن يركب عليها في سبيل الله (فَهْيَ لَهُ سِتْرٌ) تقيه من الفاقة (وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا) لأجل الفخر (وَرِيَاءً) أي: إظهارًا للطَّاعة، والباطن بخلافه (فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ) إثمٌ.
          (وَسُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلعم عَنِ الحُمُرِ) هل لها حكم الخيل؟ ويحتمل أن يكون السَّائل صعصعة بن(5) معاوية عمَّ الفرزدق(6)؛ لحديث النَّسائيِّ في «التَّفسير» وصحَّحه الحاكم عنه بلفظ: «قدمت على النَّبيِّ صلعم فسمعته يقول: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ}[الزلزلة:7] إلى آخر السورة، قال: ما أبالي ألَّا أسمع(7) غيرها، حسبي حسبي» (قَالَ: مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَيَّ فِيهَا إِلَّا هَذِهِ الآيَةَ الفَاذَّةَ) بالفاء وبعد الألف ذالٌ معجَمةٌ مشدَّدةٌ: القليلة المِثْل، المنفردة في معناها (الجَامِعَةَ) لكلِّ خيرٍ وشرٍّ ({فَمَن}) بالفاء، ولأبي ذرٍّ: ”من“ ({يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}[الزلزلة:7_8]) قال ابن مسعودٍ: هذه أحكم آيةٍ في القرآن وأصدق، واتَّفق العلماء على عموم هذه الآية، القائلون بالعموم ومن لم يقل به، وقال كعب الأحبار: لقد أنزل الله تعالى على محمَّدٍ آيتَينِ أحصتا ما في التَّوراة والإنجيل والزَّبور والصُّحف: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}[الزلزلة:7_8].
          والحديث سبق في «الجهاد» [خ¦2860] و«علامات النّبوّة» [خ¦3646] و«التّفسير» [خ¦4962].


[1] «إثمٌ»: ليس في (ص) و(ع).
[2] «في»: مثبتٌ من (ب) و(س).
[3] «والفاء»: مثبتٌ من (د).
[4] في غير(ب): «و».
[5] زيد في (ص): «أبي»، وليس بصحيحٍ.
[6] هكذا في الأصول، والصواب: «عمُّ الأحنف بن قيس» كما نبَّه. وكما في «الفتح» و«العمدة»، وصعصعة جدُّ الفرزدق، لا عمُّه.
[7] في غير (د): «أستمع».