إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يجاء بنوح يوم القيامة فيقال له: هل بلغت؟

          7349- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ) أبو يعقوب الكوسج المروزيُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ) حمَّاد بن أسامة قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”قال“ أي: قال أبو أسامة: قال (الأَعْمَشُ) سُليمان بن مهران قال: (حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ) ذكوان الزَّيَّات (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ) ☺ أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : يُجَاءُ بِنُوحٍ) ◙ بضمِّ التَّحتيَّة وفتح الجيم، وفي «تفسير سورة البقرة» [خ¦4487] «يُدعى نوحٌ» (يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ بَلَّغْتَ) رسالتي(1) إلى قومك؟ (فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ) بلَّغتُها (فَتُسْأَلُ أُمَّتُهُ) بضمِّ الفوقيَّة من «فَتُسأل»: (هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا جَاءَنَا مِنْ نَذِيرٍ، فَيَقُولُ) تبارك وتعالى له، ولأبوي الوقت وذرٍّ: ”فيقال“: (مَنْ شُهُودُكَ) الَّذين يشهدون لك أنَّك بلَّغتهم؟ (فَيَقُولُ) نوحٌ: يشهد لي (مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَيُجَاءُ بِكُمْ) ولأبوي الوقت وذرٍّ: ”فقال رسول الله صلعم : فيُجاء بكم“ (فَتَشْهَدُونَ) أنَّه بلَّغهم (ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلعم : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} قَالَ:) في تفسير {وَسَطًا} أي: (عَدْلًا(2) {لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ}) ولأبي ذرٍّ: ”عدلًا إلى قوله: {لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ}“ واللَّام في {لِّتَكُونُواْ}: لام «كي» فتفيد العِلِّيَّة، أو(3) هي لام الصَّيرورة، وأتى بـ {شُهَدَاء} الَّذي هو جمع «شهيدٍ» ليدلَّ على المبالغة دون «شاهدِيْن» و«شُهودٍ» جمعَي(4) «شاهد» وفي {عَلَى} قولان: إنَّها على بابها وهو الظَّاهر، أو بمعنى اللَّام، بمعنى: إنَّكم تنقلون إليهم ما علِمْتُموه من الوحي والدِّين كما نقله الرسول صلعم ({وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}[البقرة:143]) عطفٌ على {لِّتَكُونُواْ} أي: يُزَكِّيكم ويعلَمُ بعدالتكم، والشَّهادة قد تكون بلا مُشاهدةٍ، كالشَّهادة بالتَّسامع في الأشياء المعروفة، ولمَّا كان الشَّهيد كالرَّقيب جيء بكلمة الاستعلاء.
          والاستدلال(5) بالآية على أنَّ الإجماع حجَّةٌ؛ لأنَّ الله تعالى وصف هذه الأمَّة بالعدالة، والعدل: هو المُستحقُّ للشَّهادة وقبولها، فإذا اجتمعوا على شيءٍ وشهدوا به لزم قبوله، والحديث سبق في «تفسير سورة البقرة» [خ¦4487] و«أحاديث الأنبياء» [خ¦3339].
          قال إسحاق بن منصورٍ: (وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ) بفتح العين وبعد الواو السَّاكنة نونٌ المخزوميِّ القرشيِّ قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”أخبرنا“ (الأَعْمَشُ) سليمان (عَنْ أَبِي صَالِحٍ) ذكوان‼ (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم بِهَذَا) الحديث، وحاصله أنَّ إسحاق بن منصورٍ شيخ البخاريِّ روى هذا الحديث عن أبي أسامة بلفظ التَّحديث، وعن جعفر بن عونٍ بالعنعنة.


[1] في (ع): «رسالتك».
[2] في (د) و(ع): «عدولًا».
[3] في (ع): «إذ» وهو تحريفٌ.
[4] في (د): «جمع».
[5] في (د): «واستُدِلَّ».