إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالًا فسلط على هلكته

          7316- وبه قال: (حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ) بفتح العين والموحَّدة المشدَّدة، العبديُّ الكوفيُّ قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ) بضمِّ الحاء، ابن عبد الرَّحمن الرّؤاسيُّ (عَنْ إِسْمَاعِيلَ) بن أبي خالدٍ البجليِّ، واسم أبي خالدٍ سعدٌ (عَنْ قَيْسٍ) هو ابن أبي حازمٍ (عَنْ عَبْدِ اللهِ) بن مسعودٍ ☺ أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : لَا حَسَدَ) لا رُخصة، أو لا غِبْطة (إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ) خصلتين: (رَجُلٌ) بالرَّفع (آتَاهُ) بمدِّ الهمزة: أعطاه (اللهُ مَالًا فَسُلِّطَ) بضمِّ السِّين وكسر اللَّام، وللكُشميهنيِّ: ”فسَلَّطه“ بفتحهما وزيادة هاءٍ بعد الطَّاء (عَلَى هَلَكَتِهِ) بفتحاتٍ: على إنفاقه (فِي الحَقِّ، وَآخَرُ) ولأبي ذرٍّ: ”أو آخر(1)“ (آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً) بكسر الحاء المهملة وسكون الكاف، والحكمة السُّنَّة، أو الفقه والعلم بالدِّين، أو ما يَنفع من موعظةٍ ونحوها، أو الحكم بالحقِّ، أو الفهمُ عن الله ورسوله، ووردت أيضًا بمعنى النُّبوَّة (فَهْوَ يَقْضِي بِهَا) بالحكمة (وَيُعَلِّمُهَا) النَّاس، وفي قوله: «فسلَّطه على هلكته» مبالغتان:
          إحداهما: التَّسليط؛ فإنَّه يدلُّ على الغلبة وقهر النَّفس المجبولة على الشُّحِّ البالغ.
          وثانيتهما: قوله: «على هلكته»، فإنَّه يدلُّ على أنَّه لا يُبقي من المال باقيًا(2)، ولمَّا أوهم القرينتان _الإسراف والتَّبذير_ المقول فيهما: لا خير في السَّرف، كمَّله بقوله: «في الحقِّ» كما قيل: لا سرف في الخير، وكذا القرينة الأخرى اشتملت على مبالغاتٍ: إحداها الحكمة؛ فإنَّها تدلُّ على علمٍ دقيقٍ مع إتقانٍ في العمل، وثانيها «يقضي» أي: يقضي بين النَّاس، وهي من مرتبته صلعم ، وثالثها «ويعلِّمُها»، وهي أيضًا من مرتبة سيِّد المرسلين، قاله في«شرح المشكاة».
          والحديث سبق في «باب من قضى بالحكمة» في أوائل «الأحكام» [خ¦7141] وكذا في «العلم» [خ¦73] و«الزَّكاة» [خ¦1409] ومطابقته للتَّرجمة الثَّانية(3) ظاهرةٌ.


[1] «ولأبي ذرٍّ: أو آخر»: سقط من (د).
[2] في (د): «باقيةً».
[3] «الثَّانية»: ليس في (ص).