إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث أبي هريرة: هل لك من إبل؟

          7314- وبه قال:(حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الفَرَجِ) بالمهملة والموحَّدة والمعجمة في الأوَّل والجيم في الثَّاني أبو عبد الله المصريُّ قال: (حَدَّثَنِي) ولأبوي ذَرٍّ والوقت: ”أخبرني“ بالخاء والإفراد في الرِّوايتين(1) (ابْنُ وَهْبٍ) عبد الله المصريُّ(2) (عَنْ يُونُسَ) بن يزيد الأيليِّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ الزُّهريِّ (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوفٍ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (أَنَّ أَعْرَابِيًّا) اسمه ضمضم بن قتادة، كما في «المبهمات» لعبد / الغنيِّ بن سعيدٍ، وعند مسلمٍ وأصحاب السُّنن: «أنَّ أعرابيًّا من فزارة»، بفتح الفاء وتخفيف الزَّاي هو فَزَارة بن ذبيان بن بغيضٍ(3) (أَتَى رَسُولَ اللهِ صلعم فَقَالَ): يا رسول الله (إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ) أي: وإنِّي أنا أبيضُ، ولم أعرف اسم المرأة ولا الغلام، و«أسود» صفةٌ لـ «غلامٍ» وهو لا ينصرف للوزن والصِّفة (وَإِنِّي أَنْكَرْتُهُ) أي: استنكرته بقلبي، ولم يرد أنَّه أنكره بلسانه (فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلعم : هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ قَالَ) الأعرابيُّ: (نَعَمْ، قَالَ) ╕ له: (فَمَا أَلْوَانُهَا؟) «ما» مبتدأٌ من أسماء الاستفهام، و«ألوانها» خبره (قَالَ): ألوانها (حُمْرٌ) رفع(4) خبر المبتدأ المقدَّر (قَالَ) صلوات الله وسلامه عليه: (هَلْ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”فهل“ (فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟) بفتح الهمزة والرَّاء، بينهما واوٌ ساكنةٌ، آخره قافٌ، قال الأصمعيُّ: الأورق من الإبل الَّذي في لونه بياضٌ يميل إلى سوادٍ، وهو أطيب الإبل لحمًا، وليس بمحمودٍ عندهم في عَمَلِه وسيْره، وهو غير مُنصرفٍ؛ للوصف ووزن الفعل، والفاء في «فهل» عاطفةٌ (قَالَ) الأعرابيُّ: (إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا) بضمِّ الواو وسكون الرَّاء «إنَّ» واسمها، وخبرها في المجرور، واللَّام هي الدَّاخلة في خبر «إنَّ» وأصلُها لام الابتداء، ولكنَّها أُخِّرت لأجل أنَّها غير عاملةٍ، و«إنَّ» عاملةٌ، وتُسمَّى هذه اللَّام المُزحلَقة (قَالَ) ╕ : (فَأَنَّى تُـَرَى) بفتح الفوقيَّة أو بضمِّها، أي: تظنُّ (ذَلِكَ جَاءَهَا؟) الفاعل(5) ضميرٌ يعود على اللَّون، والمفعول يعود على الإبل، و«ذلك» مفعولٌ ثانٍ، و«أنِّى» استفهامٌ بمعنى: كيف، أي: كيف أتاها اللَّون الَّذي ليس في أبويها؟ (قَالَ) الأعرابيُّ: (يَا رَسُولَ اللهِ؛ عِرْقٌ نَزَعَهَا) بكسر العين وسكون الرَّاء بعدها قافٌ، و«نزعها» بالزَّاي، والمراد بالعرق هنا الأصل من النَّسب، شُبِّهَ بعرق الثَّمرة، ومنه فلانٌ مُعرِقٌ في النَّسب والحسب، ومعنى «نزعه» أشبهه، واجتذب منه إليه، وأظهر لونه عليه، وأصل النَّزع الجذبُ، فكأنَّه جذبه إليه، وللكُشميهنيِّ: ”نزعه“ قال أبو هريرة: (وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ) صلعم ، أي: للأعرابيِّ‼ (فِي الاِنْتِفَاءِ مِنْهُ) أي: باللِّعان(6) ونفي الولد من نفسه، ومطابقة الحديث للتَّرجمة من كونه صلعم شبَّه للأعرابيِّ ما أنكره من لون الغلام بما عرف من نِتاجِ الإبل، فأبان له بما يعرف أنَّ الإبل الحُمر تُنتج الأورق وهو الأغبر، فكذلك المرأة البيضاء تلد الأسود.
          وسبق الحديث في «اللِّعان(7)» [خ¦5305].


[1] قوله: «ولأبوي ذَرٍّ والوقت: أخبرني بالخاء والإفراد في الرِّوايتين» سقط من (د).
[2] في (د): «البصريُّ»، وليس بصحيحٍ.
[3] في (ع): «نغيض»، وهو تصحيفٌ.
[4] زيد في (د): «على».
[5] «الفاعل»: ليس (د).
[6] في كل الأصول: «في انتفاء اللعان»، وهو وهم إذ المقصود فعل اللعان لا نفيه.
[7] في (ع): «اللعن».