إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: هاتان أهون

          7313- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عُيينة: (قَالَ عَمْرٌو) _بفتح العين المهملة(1)_ ابن دينارٍ: (سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ☻ يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم : {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ}) الكامل القدرة ({عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ}) كالمطر النَّازل على قوم نوحٍ حجارةً (قَالَ) صلعم : (أَعُوذُ بِوَجْهِكَ) أي: بذاتك من عذابك ({أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ}) كالرَّجفة والخسفة، ويجوز أن يكون الظَّرف متعلِّقًا بـ «يبعث» وأن يكون متعلِّقًا بمحذوفٍ على أنَّه صفةٌ لـ «عذابًا» أي: عذابًا كائنًا من هاتين الجهتين (قَالَ) صلعم : (أعُوذُ بِوَجْهِكَ) من عذابك(2) (فَلَمَّا نَزَلَتْ: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً}) أي: يخلطكم فرقًا مختلفين على أهواءٍ شتَّى، كلُّ فرقةٍ مشايعة(3) لإمامٍ، ومعنى خلطهم إنشاء القتال بينهم، فيختلطون في ملاحم القتال، و«شيعًا» نُصِب على الحال، وهي جمع «شِيْعَة» كسِدْرةٍ وسِدرٍ، وقيل: المعنى يجعلكم فِرَقًا ويثبِّت فيكم الأهواء المختلفة ({وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ}[الأنعام:65]) بقتل بعضكم بعضًا، والبأس: السَّيف والإذاقة استعارةٌ، وهي فاشيةٌ كقوله تعالى: {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ}[القمر:48] {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ}[الدخان:49] {فَذُوقُواْ الْعَذَابَ}[آل عمران:106] وقال:
أذقناهم(4) كؤوسَ الموتِ صِرْفًا                     وذاقوا من أسنَّتنا كؤوسًا
(قَالَ) صلوات الله وسلامه عليه: (هَاتَانِ) المحنتان اللَّبس والإذاقة (أَهْوَنُ، أَوْ) قال: (أَيْسَرُ) لأنَّ الفتن بين المخلوقين وعذابهم أهون وأيسر من عذاب الله على الكفر.
          والحديث سبق في «تفسير سورة الأنعام» [خ¦4628] وأخرجه التِّرمذيُّ في «التَّفسير».


[1] «المهملة»: ليس في (د).
[2] قوله: «{أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} كالرَّجفة والخسفة... أعُوذُ بِوَجْهِكَ من عذابك» سقط من (ص).
[3] في (د): «متابعةٌ».
[4] زيد في (ص): «من»، ولا يصحُّ.