إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لو مد بي الشهر لواصلت وصالًا

          7241- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ) بالتحتيَّة المشدَّدة والشِّين المعجمة الرّقَّام البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى) بن عبد الأعلى السَّاميُّ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ) الطَّويل (عَنْ ثَابِتٍ) البُنانيِّ (عَنْ أَنَسٍ ☺ ) أنَّه (قَالَ: وَاصَلَ النَّبِيُّ صلعم ) لم يأكلْ ولم يشربْ وقتَ الإفطار (آخِرَ الشَّهْرِ) أي: شهر رمضان (وَوَاصَلَ) معه (أُنَاسٌ) بضمِّ الهمزة، أي: ناسٌ، والتنوينُ للتَّبعيض (مِنَ النَّاسِ، فَبَلَغَ) ذلك (النَّبِيَّ صلعم فَقَالَ: لَوْ مُدَّ بِيَ(1) الشَّهْرُ) بضمِّ الميم وتشديد الدَّال المهمَلة مبنيًّا للمفعول، و«بي» جارٌّ ومجرورٌ، ولأبي ذرٍّ: ”مَدَّني“ بفتح الميم والدَّال المشدَّدة بعدها نونُ وقايةٍ، وجواب(2) «لو» قوله(3): (لَوَاصَلْتُ) بهم (وِصَالًا يَدَعُ المُتَعَمِّقُونَ تَعَمُّقَهُمْ) بضمِّ العين من «يَدَعُ» وفتحها في الأُخْرَيينِ، من قولهم: تعمَّق في كلامه أي: تنطَّع. فإن قلتَ: الجملة الواقعة بعد النَّكرة هنا صفةٌ لها ولا رابط، فكيف وجهه؟ أُجيب بأنَّه محذوفٌ للقرينة الحاليَّة أي: وصالًا يترك لأجله المتنطِّعون تنطُّعهم(4) (إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَظَلُّ) أصيرُ حال كوني (يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ) طعامًا وشرابًا من الجنَّة، لا يقال: إنَّه إذا كان يُطعَم ويُسقى فليس مواصِلًا؛ لأنَّ المُحْضَرَ من الجنَّة لا يجري عليه أحوال المكلِّفين، أو هو مجازٌ عن لازم الطّعام والشَّراب، وهو القوَّة فكأنَّه قال: يُعطيني قوَّة الآكِل والشّارِب.
          والحديث سبق في «الصَّوم» [خ¦1964].
          (تَابَعَهُ) أي: تابع حُميدًا (سُلَيْمَانُ بْنُ مُغِيرَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) وصله مسلمٌ كما ذكرته قريبًا، قال في «الفتح»: ووقع لنا بعلوٍّ في «مسند عبد بن حميد» قال: ووقع هذا التعليق في رواية كريمة سابقًا على حديث حميدٍ عن أنسٍ، فصار كأنَّه طريقٌ أخرى معلَّقةٌ لحديث: «لولا أن أشق(5)» وهو غلطٌ فاحشٌ، والصَّواب ثبوتُه هنا، كما وقع في رواية الباقين. انتهى. ولم يذكره في الفرع كأصله هنا، بل عقِبَ حديث: «لولا أن أشقَّ» لكنه رَقَم عليه علامة السُّقوط لأبي ذرٍّ، كما نبَّهت عليه في ما سبق.


[1] في (ع): «فيَّ».
[2] في (ص) و(ع): «وخبر».
[3] «قوله»: ليس في (ب).
[4] في (ب): «تنطُّعتهم».
[5] زيد في (ص): «على أمَّتي».