إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لو كان عندي أحد ذهبًا لأحببت أن لا يأتي ثلاث

          7228- وبه قال: (حَدَّثَنَا) بالجمع، ولأبي ذرٍّ: ”حدَّثني“ (إِسْحَاقُ ابْنُ نَصْرٍ) نسبه(1) إلى جدِّه، واسمُ أبيه إبراهيمُ البخاريُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ) بن همَّامٍ الحافظ أبو بكرٍ الصَّنعانيُّ (عَنْ مَعْمَرٍ) أبي عروة بن راشدٍ الأزديِّ مولاهم (عَنْ هَمَّامٍ) هو ابن منبِّهٍ الصَّنعانيِّ أنَّه (سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ) ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: لَوْ كَانَ عِنْدِي أُحُدٌ) الجبل المعروف (ذَهَبًا) وفي رواية الأعرج عن أبي هريرة عند أحمد في أوَّله: «والذي نفسي بيده» وجواب «لو» قوله: (لأَحْبَبْتُ أَن لا يَأْتِيَ ثَلَاثٌ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”عليَّ ثلاثٌ“ (وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ، لَيْسَ شَيْءٌ أَرْصُدُهُ) بفتح الهمزة وضمِّ الصَّاد المهملة، وفي نسخة الحافظ أبي ذرٍّ وهو في نسخةٍ مقروءةٍ على الأصل ”أُرْصِده“ بضمِّ الهمزة وكسر الصَّاد (فِي دَيْنٍ) بفتح الدَّال المهملة (عَلَيَّ) بتشديد الياء (أَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهُ) والضَّمير لـ «الدِّينار» أو لـ «الدَّين»، والجملة حاليَّةٌ، قال الزَّركشيُّ: وفي الكلام تقديمٌ وتأخيرٌ اختلَّ به الكلام، وأصله: وعندي منه دينارٌ أجِدُ مَن يقبله ليس شيءٌ أرصده في دَينٍ، ففصل بين الموصوف _وهو «دينارٌ»_ وصفته _وهو قوله: «أجد»_ بالمستثنى، قال البدر الدَّمامينيّ: لا اختلال(2) إن شاء الله تعالى، ولا تقديم ولا تأخير، والكلام مستقيمٌ بحمد الله، وذلك بأن يجعل قوله: «ليس شيئًا أرصده لدَينٍ عليَّ» صفةً لـ «دينارٌ» والعائد اسم «ليس»، وهو الضمير المستكنُّ فيها، وقوله: «أجد من يقبله» حالٌ من «دينار»(3) وإن كان نكرةً؛ لكونه تخصَّص بالصِّفة، وحاصل المعنى أنَّه لا يجب على تقدير ملكه لأُحُدٍ ذهبًا أن يبقى عنده بعد ثلاث ليالٍ من ذلك المال دينارٌ موصوفٌ بكونه ليس مرصَدًا لوفاء ديَنٍ عليه في حال أنَّ له قابلًا لا يجده، وهذا معنًى _كما تراه_ لا اختلال فيه، وليس في الكلام على التَّقدير الذي قلناه تقديمٌ ولا تأخيرٌ، فتأمَّله. وذكر الصَّغَانيُّ: أنَّ الصَّواب «ليس شيئًا» بالنَّصب، وقال في «اللَّامع»: إنَّه في رواية الأَصيليِّ بالنَّصب، ولغيره بالرَّفع، ووجه الدَّلالة على التَّمنِّي(4) من الحديث _مع أنَّ «لو» إنَّما هي امتناع(5) الشَّيء لامتناع غيره، لا للتَّمنِّي_ أنَّ «لو» هنا شرطيَّةٌ بمعنى: «إنْ» ومحبَّة كون غير الواقع واقعًا هو نوعٌ من التَّمنِّي، فغايته أنَّ هذا تمنٍّ على هذا التقدير، قال السَّكَّاكيُّ: الجملة الجزائيَّة جملةٌ خبريَّةٌ مقيَّدةٌ بالشَّرط، فعلى هذا فهو تمنٍّ بالشَّرط، قاله في «الكواكب».
          والحديث سبق في «الرِّقاق» [خ¦6445].


[1] في (ب) و(س): «نسبةً».
[2] في (ص): «اختلاف»، والمثبت موافق للمصابيح.
[3] قوله: والعائد اسم «ليس»، ... من «دينار»، زيادة من المصابيح لازمة للسياق. ونبَّه على هذا السقط الشيخ قطة ☼ بهامش البولاقية.
[4] في (ع): «النَّهي»، وهو تحريفٌ.
[5] في (ب) و(س): «لامتناع».