إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث أبي هريرة: اذهبوا به فارجموه

          7167- 7168- وبه قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ) هو يحيى بن عبد الله بن بُكَيرٍ _بضمِّ الموحَّدة وفتح الكاف_ المصريُّ قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: ”حدَّثنا“ (اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام (عَنْ عُقَيْلٍ) بضمِّ العين وفتح القاف، ابن خالدٍ الأَيْليِّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ الزُّهريِّ(1) (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن بن عوفٍ (وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ) بن حزنٍ‼ الإمام أبي محمَّد المخزوميِّ، سيِّد التَّابعين (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ أنَّه (قَالَ: أَتَى رَجُلٌ) اسمه: ماعزٌ (رَسُولَ اللهِ صلعم وَهْوَ فِي المَسْجِدِ) حالٌ من رسول الله، وجملة (فَنَادَاهُ) عطفٌ على «أتى»، وفاعل «فناداه»(2) ضمير الرَّجل، وضمير المفعول يعود على(3) النَّبيِّ صلعم (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنِّي زَنَيْتُ) مقولٌ للقول، واسم المزنيِّ بها فاطمة، وقيل: منيرة، وقيل: مهيرة (فَأَعْرَضَ عَنْهُ) / النَّبيُّ صلعم ؛ كراهية سماع ذلك؛ سترًا له؛ إذ لم يحضر(4) من يشهد عليه (فَلَمَّا شَهِدَ) أي: أقرَّ (عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعًا؛ قَالَ) صلعم له(5): (أَبِكَ جُنُونٌ؟) بهمزة الاستفهام، و«جنونٌ» مبتدأٌ، والمجرور متعلِّق بالخبر، والمسوِّغ للابتداء بالنَّكرة تقدُّم الخبر في الظَّرف وهمزةُ الاستفهام (قَالَ: لَا) ليس بي جنونٌ (قَالَ) صلوات الله وسلامه عليه: (اذْهَبُوا بِهِ) من المسجد (فَارْجُمُوهُ) لأنَّه كان مُحصَنًا، وفي روايةٍ أخرى في «الحدود» [خ¦6825] قال: «فهل أُحصِنت؟» قال: نعم، والباء في «به» للتَّعدية أو الحال، أي: اذهبوا به(6) مصاحبين له، وإنَّما أمر بإخراجه من المسجد؛ لأنَّ الرَّجم فيه يحتاج إلى قدرٍ زائدٍ _من حفرٍ وغيره_ ممَّا لا يناسب المسجد، فلا يلزم من تركه فيه تركُ إقامة غيره من الحدود؛ فليتأمَّل مع التَّرجمة، وقد ذهب إلى المنع من إقامة الحدود في المسجد الكوفيُّون والشَّافعيُّ وأحمد، وعند ابن ماجه من حديث واثلة: «جنِّبوا مساجدكم إقامة حدودكم...» الحديث، وربَّما يخرج من المحدود دمٌ فيتلوَّث(7) المسجد، وقال مالكٌ: لا بأس بالضَّرب بالسِّياط اليسيرة، فإذا كثرت الحدود؛ فخارج المسجد.
          (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ بالسَّند المذكور: (فَأَخْبَرَنِي) بالإفراد (مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ) الأنصاريَّ، والذي أخبر ابن شهابٍ أبو سَلَمة بن عبد الرَّحمن؛ كما وقع التَّنبيه عليه في «الحدود»(8) [خ¦6816] أنَّه (قَالَ: كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ بِالمُصَلَّى) مكان صلاة العيد والجنائز (رَوَاهُ) أي: الحديث (يُونُسُ) بن يزيد (وَمَعْمَرٌ) هو ابن راشدٍ، فيما وصله عنهما المؤلِّف في «الحدود» [خ¦6820] (وَابْنُ جُرَيْجٍ) عبد الملك، مما(9) وصله أيضًا(10) فيه [خ¦6820] الثَّلاثة (عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن (عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم ، فِي الرَّجْمِ) فخالفوا عُقيلًا في الصَّحابيِّ، فإنَّه جعل أصل الحديث من رواية أبي سَلَمة عن أبي هريرة، وهؤلاء جعلوه من رواية جابرٍ.


[1] «الزُّهريِّ»: سقط من (د).
[2] في (د) و(ع): «فنادى».
[3] في (د): «إلى»، وفي الهامش من نسخةٍ كالمثبتِ.
[4] في (د): «يجد».
[5] «له»: ليس في (د).
[6] «به»: سقط من (ب).
[7] في (د): «فيلوِّث».
[8] في (ص): «بالحدود».
[9] في (د): «فيما».
[10] «أيضًا»: ليس في (د).