إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي

          7142- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) بضمِّ الميم وفتح المهملة بعدها مهملتان(1)، ابن(2) مُسَرْهَدٍ بن مسربلٍ الأسديُّ البصريُّ الحافظ أبو الحسن قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ) القطَّان، وسقط «ابن سعيدٍ» لغير أبي ذرٍّ (عَنْ شُعْبَةَ) بن الحجَّاج (عَنْ أَبِي / التَّيَّاحِ) بالفوقيَّة، ثمَّ التَّحتيَّة المشدَّدة، وبعد الألف حاءٌ مهملةٌ، يزيد بن حميدٍ الضُّبَعِيِّ البصريِّ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ☺ ) أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اسْتُعْمِلَ) بضمِّ الفوقيَّة وكسر الميم مبنيًّا للمفعول (عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ) برفع «عبدٌ» نائب الفاعل، و«حبشيٌّ» صفتُه، قيل: معناه: وإنِ استعمله الإمامُ الأعظم على القوم، لا أنَّ العبد الحبشيَّ هو الإمامُ الأعظم؛ فإنَّ الأئمَّة من قريشٍ، أو المراد به: الإمام الأعظم على سبيل الفرض والتَّقدير، وهو مبالغة في الأمر بطاعته، والنَّهي عن شقاقه ومخالفته، وعند مسلمٍ من حديث أمِّ الحُصَين: «اسمعوا وأطيعوا ولو استُعمِل عليكم عبدٌ حبشيٌّ(3) يقودكم بكتاب الله»، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”وإن استَعْمَل“ أي: الإمام ”عليكم عبدًا حبشيًّا“ بالنَّصب على المفعوليَّة، والحبشة جيلٌ معروف من السُّودان، وسبق في «الصَّلاة» [خ¦693] أنَّه صلعم قال لأبي ذرٍّ: «اسمَعْ وأطِعْ ولو لحبشيٍّ(4)» (كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ) بزايٍ مفتوحةٍ وموحَّدتين بينهما تحتيَّة ساكنةٌ واحدة الزَّبيب المأكول المعروف الكائن من العنب إذا جفَّ، وشبَّه رأس الحبشيِّ بالزَّبيبة؛ لتجمُّعها وسواد شعرها، ورؤوس الحبشة توصف بالصِّغر؛ وذلك يقتضي الحقارة وبشاعة الصُّورة وعدم الاعتبار(5) بها، فهو على سبيل المبالغة في الحضِّ على طاعتهم مع حقارتهم، وقد أُجمِع على أنَّ الإمامة لا تكون في العبيد، ويُحتمل أن يكون سمَّاه عبدًا باعتبار ما كان قبل العتق. نعم؛ لو تغلَّب عبدٌ حقيقةً بطريق الشَّوكة؛ وجبت طاعته؛ إخمادًا للفتنة، ما لم يأمر بمعصيةٍ.
          وسبق الحديث في «الصَّلاة» [خ¦693].


[1] قوله: «بضمِّ الميم، وفتح المهملة، بعدها مهملتان» سقط من (د).
[2] «ابن»: سقط من غير (د)، وفي (ع): «هو».
[3] «حبشي»: ثبت من (ع).
[4] في (د): «لعبدٍ حبشيٍّ».
[5] في (د): «الاعتماد».