إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه

          7068- وبه قال: (حَدَّثَنَا(1) مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ) الفِرْيابيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) الثَّورِيُّ (عَنِ الزُّبَيْرِ) بضمِّ الزَّاي (بْنِ عَدِيٍّ) بفتح العَيْن وكسر الدَّال المُهملَتَين، الكُوفيِّ الهَمْدانيِّ _بسكُون الميم_ من صِغَار التَّابعين، ليس له في البخاريِّ إلَّا هذا الحديث، أنَّه (قَالَ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ) ☺ (فَشَكَوْنَا) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: ”فَشَكَوا“ (إِلَيْهِ مَا نَلْقَى) وللأَصيليِّ: ”ما يَلْقَوا“ ولأبي ذرٍّ وابنِ عساكر: ”ما يَلْقَون“ (مِنَ الحَجَّاجِ) بن يوسفَ الثَّقفيِّ الأميرِ المشهورِ، من ظلمه وتعدِّيه، وفي قوله: «فشكونا إليه ما يَلْقون» التفاتٌ(2) (فَقَالَ) أنسٌ: (اصْبِرُوا) عليه (فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ) أي: حتَّى تموتوا، وعند الطَّبرَانيِّ بسندٍ صحيحٍ عن ابنِ مسعودٍ قال: أمس خيرٌ من اليوم، واليومُ خيرٌ من غدٍ، وكذلك حتَّى تقومَ السَّاعة، ولأبي ذرٍّ وابنِ عساكر: ”أشرُّ منه“‼ بوزن أَفْعَل على الأصل؛ لأنَّه أفعلُ تفضيلٍ، لكنَّ مجيئه كذلك قليلٌ، وعند الإسماعيليِّ من روايةِ محمَّد بن القاسم الأسديِّ عن الثَّوريِّ ومالكِ بنِ مِغْوَلٍ ومِسْعَرٍ وأبي سِنانٍ الشَّيبانِيِّ؛ أربعتُهم عن الزُّبير بنِ عَديٍّ بلفظ: «لا يأتي على النَّاس زمانٌ إلَّا شرٌّ من الزَّمان الذي كان قبله» (سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صلعم ) واستُشكِل هذا الإطلاق بأنَّ بعضَ الأزمنةِ قد يكونُ فيه الشَّرُّ أقلَّ من سابقِه ولو لم يكن إلَّا زمنَ عمرَ بنِ عبدِ العزيز، وهو بعدَ زمنِ الحجَّاج بيسيرٍ، وأجاب الحسنُ البصريُّ بأنَّه لا بدَّ للنَّاس من تَنفُّسٍ، فحمله على الأكثرِ الأغلب، وأجاب غيرُه بأنَّ المرادَ بالتَّفضيل: تفضيلُ مجموعِ العصرِ على مَجْموع العصر؛ فإنَّ عصر الحجَّاج كان فيه كثيرٌ من الصَّحابة في الأحياء، وفي زمن عمرَ بن عبد العزيز انقرضُوا، والزَّمان الذي فيه الصَّحابة خيرٌ من الزَّمان الذي بعده؛ لقوله صلعم المرويِّ في «الصَّحيحين»: «خير القرون قَرْني» [خ¦2652].
          وحديثُ الباب أخرجه التِّرمذي في «الفتن».


[1] في (د): «حدثني».
[2] قوله: «وفي قوله: فشكونا إليه ما يَلْقون التفاتٌ» سقط من (د).