إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: الرؤيا الحسنة من الله

          7044- وبه قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ) الهرويُّ نسبة لبيعِ الثِّياب الهرويَّة، البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ) الأنصاريِّ أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ) بن عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوف (يَقُولُ: لَقَدْ كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا) ولابنِ عساكرَ: ”أرى، يعني(1): الرُّؤيا“ (فَتُمْرِضُنِي) بضم الفوقية وسكون الميم وكسر الراء وضم الضاد المعجمة (حَتَّى سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ) الحارث، وقيل: النُّعمان، وقيل: عمر الأنصاريَّ (يَقُولُ: وَأَنَا كُنْتُ لأَرَى) باللام، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والكُشمِيهنيِّ: ”أرى“ (الرُّؤْيَا) في منامي (تُمْرِضُنِي، حَتَّى سَمِعْتُ النَّبِيَّ(2) صلعم يَقُولُ: الرُّؤْيَا الحَسَنَةُ مِنَ اللهِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ) في منامهِ (مَا يُحِبُّ فَلَا يُحَدِّثْ بِهِ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ) لأنَّ الحبيب إن عرف خيرًا قاله، وإن جهل أو شكَّ سكتَ، بخلاف غيره فإنَّه يعبِّرها له بغير ما يحبُّ بغضًا وحسدًا، فربَّما وقع ما فسَّر به؛ إذ الرُّؤيا لأوَّلِ عابرٍ. وفي التِّرمذيِّ: «لا يُحدِّث بها إلَّا لبيبًا أو حبيبًا» (وَإِذَا رَأَى) فيه (مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّهَا) أي: الرُّؤيا (وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ) لأنَّه الَّذي يخيل فيها (وَلْيَتْفُلْ) بضم الفاء، ولغير أبي ذرٍّ بكسرها، أي: عن يسارهِ (ثَلَاثًا) أي: ثلاث مرَّات استقذارًا للشيطانِ واحتقارًا له كما يفعلُ الإنسان عند الشَّيءِ القذرِ يراه أو يذكرهُ، ولا شيءَ أقذرُ من الشَّيطان، فأمر بالتَّفل عند ذكره، وكونه ثلاثًا مبالغة في إخسائهِ(3) (وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا فَإِنَّهَا) أي: الرُّؤيا المكروهة (لَنْ تَضُرَّهُ) لأنَّ ما ذكر من التَّعوُّذ وغيره سبب للسَّلامة من ذلك.


[1] في (ب): «بعيني».
[2] في (ع): «رسول الله».
[3] في (ع): «احتقاره»، وفي (د): «إخساسه».