إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: سقتني حفصة شربة عسل

          6972- وبه قال: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ) القرشيُّ الهَبَّارِيُّ _بفتح الهاء والموحدة المشددة وبعد الألف راء مكسورة فتحتية_ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ) حمَّاد بن أسامةَ (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزُّبير (عَنْ عَائِشَةَ) ♦ أنَّها (قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم يُحِبُّ الحَلْوَاءَ) بالهمز والمدِّ، ويُقصر(1) فيُكتب بالياء بدل الألف. وعند الثَّعالبيِّ في «فقه اللُّغة»: أنَّها المَجِيع _بفتح الميم وكسر الجيم_ بوزن عَظِيم، وهو تمرٌ يُعجن بلبنٍ (وَيُحِبُّ العَسَلَ) أفردَه لشرفهِ لما فيه من الخواصِّ، فهو كقولهِ تعالى: {وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ}‼[البقرة:98] (وَكَانَ إِذَا صَلَّى العَصْرَ أَجَازَ عَلَى نِسَائِهِ) بفتح الهمزة والجيم وبعد الألف زاي، أي: يقطعُ المسافة الَّتي بين كلِّ واحدةٍ والَّتي تليها. يقال: أجازَ الوادِي؛ إذا قطعه، وسبق في «الطَّلاق» من رواية عليِّ بن مُسْهر: إذا صلَّى العصر دخلَ على نسائه [خ¦5268] (فَيَدْنُو مِنْهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ) أمِّ المؤمنين بنت عمر ☻ (فَاحْتَبَسَ عِنْدَهَا أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَحْتَبِسُ) أي: أقام أكثر ممَّا كان يُقيم. قالت عائشةُ: (فَسَأَلْتُ عَنْ) سبب (ذَلِكَ) الاحتباس (فَقالَ) ولأبوي ذرٍّ والوقتِ والأَصيليِّ وابنِ عساكرَ: ”فقيل“ (لِي: أَهْدَتِ امْرَأَةٌ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”لها امرأةٌ“ (مِنْ قَوْمِهَا) لم أقفْ على اسمها (عُكَّةَ عَسَلٍ فَسَقَتْ رَسُولَ الله صلعم مِنْهُ شَرْبَةً) وسبق أنَّ شربة العسل كانت عند زينبَ بنت جحش [خ¦4912] [خ¦5267] [خ¦6691]، وهنا أنَّها(2) عند حفصة، وعند ابن مَرْدويه عن ابن عبَّاس: أنَّها كانت(3) عند(4) سودة، فيُحمل على التَّعدُّد(5). قالت عائشة: (فَقُلْتُ: أَمَا) بالتخفيف والألف، ولأبي ذرٍّ: ”أم“ بحذفها (وَاللهِ لَنَحْتَالَنَّ لَهُ) أي: لأجلهِ، واللَّامان في «لَنحتالَن» بالفتح (فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَوْدَةَ) بنت زمعة (قُلْتُ) ولأبي ذرٍّ: ”وقلت لها“(6): (إِذَا دَخَلَ عَلَيْكِ) النَّبيُّ صلعم (فَإِنَّهُ سَيَدْنُو) سيقرب (مِنْكِ فَقُولِي لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ) بالغين المعجمة والفاء. قال ابنُ قتيبة: صمغٌ حلوٌ له رائحةٌ كريهةٌ (فَإِنَّهُ سَيَقُولُ) لك: (لَا، فَقُولِي لَهُ: مَا هَذِهِ الرِّيحُ؟) زاد في «الطَّلاق»: الَّتي أجدُ منك [خ¦5268] (وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم يَشْتَدُّ عَلَيْهِ أَنْ يوجَدُ مِنْهُ الرِّيحُ) الغير طيِّب (فَإِنَّهُ سَيَقُولُ) لك: (سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ، فَقُولِي لَهُ: جَرَسَتْ) بفتح الجيم والراء والسين المهملة، أي: رعَتْ (نَحْلُهُ العُرْفُطَ) بضم العين المهملة والفاء بينهما راء ساكنة آخر طاء مهملة(7)، الشَّجر الَّذي صمغه المغافير (وَسَأَقُولُ) أنا له (ذَلِكَ، وَقُولِيهِ أَنْتِ يَا صَفِيَّةُ) أي: بنت حييٍّ (فَلَمَّا دَخَلَ) رسول الله صلعم (عَلَى سَوْدَةَ) بنتِ زَمْعة. قالت عائشة: (قُلْتُ) ولأبي ذرٍّ: ”قالت“ أي: عائشة: (تَقُولُ سَوْدَةُ) لي: (وَ) الله(8) (الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ كِدْتُ) قاربت (أَنْ أُبَادِرَهُ) من المبادرة، وللأَصيليِّ وأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والكُشمِيهنيِّ: ”أن أبادئه“ بالموحدة، من المبادأة بالهمزة، ولابنِ عساكرَ وأبي الوقتِ وأبي ذرٍّ عن المُستملي: ”أناديه“ بالنون بدل الموحدة (بِالَّذِي قُلْتِ لِي، وَإِنَّهُ) صلعم (لَعَلَى البَابِ فَرَقًا) بفتح الراء خوفًا (مِنْكِ فَلَمَّا دَنَا) قربَ (رَسُولُ اللهِ صلعم ) منِّي (قُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ قَالَ: لَا) ما أكلتُ مغافير (قُلْتُ: فَمَا هَذِهِ الرِّيحُ؟) زاد في «الطَّلاق»: الَّتي أجد منك [خ¦5268] (قَالَ: سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ‼. قُلْتُ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي: ”قالت“ أي: سودة: (جَرَسَتْ) رعت (نَحْلُهُ العُرْفُطَ) قالت عائشة: (فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيَّ قُلْتُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ) القول الَّذي قلتُ / لسودة أن تقولَ له (وَدَخَلَ عَلَى صَفِيَّةَ) بنت حييٍّ (فَقَالَتْ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ قَالَتْ لَهُ(9): يَا رَسُولَ اللهِ أَلَا) بالتخفيف (أَسْقِيكَ مِنْهُ؟) بفتح الهمزة، أي: من العسلِ (قَالَ: لَا حَاجَةَ لِي بِهِ. قَالَتْ) عائشة ♦ : (تَقُولُ سَوْدَةُ: سُبْحَانَ اللهِ لَقَدْ حَرَمْنَاهُ) بتخفيف الراء، أي: منعناهُ صلعم من العسل (قَالَتْ) عائشة: (قُلْتُ لَهَا: اسْكُتِي) لئلَّا يفشو ذلك فيظهر ما دبَّرته لحفصةَ.
          فإن قلتَ: كيف جازَ على أزواجهِ ╢ الاحتيال؟ أُجيب بأنَّه من مقتضيات الطَّبيعة للنِّساء في الغيرةِ، وقد عفِي عنهنَّ.
          والحديث سبق في «الأطعمة» [خ¦5431] و«الأشربة» [خ¦5614] و«الطِّب» [خ¦5682] و«الطَّلاق» [خ¦5268].


[1] في (د) و(ع): «والقصر».
[2] في (ع) و(ص): «أنه».
[3] في (د) و(ع) و(ص): «أنه كان».
[4] «عند»: ليست في (ب).
[5] «فيحمل على التعدد»: ليست في (د).
[6] «لها»: ليست في (د) و(ع).
[7] في (ل): «راء مهملةٌ».
[8] «لفظ الجلالة»: زيادة من (ص).
[9] «له»: ليست في (ع).