إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

معلق الليث: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف

          6936- (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ) البخاريُّ، وسقطَ «قال(1) أبو عبد الله» لأبي ذرٍّ‼ (وَقَالَ اللَّيْثُ) بنُ سعد ابنِ عبد الرَّحمن الفهميُّ، أبو الحارث المصريُّ، الإمام المشهور، فيما(2) وصله الإسماعيليُّ عن كاتب اللَّيث عنه، قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (يُونُسُ) بنُ يزيد الأيليُّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد بنِ مسلمٍ الزُّهريِّ أنَّه قَالَ: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ) بنِ العوَّام (أَنَّ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ) بنِ نوفل الزُّهريَّ، أبا عبد الرَّحمن، له صُحبة (وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ / القَارِيَّ) بتشديد التحتية من غير همزة، والقارةُ هم ولد الهُون بن خُزيمة أخي أسد بن خزيمة، ولد على عهدِه(3) صلعم ليس له منه(4) سماعٌ ولا رؤيةٌ (أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ) ☺ (يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ) بفتح الحاء المهملة، ابنِ حزام الأسديَّ (يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صلعم فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ فَإِذَا هُوَ يَقْرَأهَا) ولأبي ذرٍّ: ”يقرؤها“ بالواو وصورة الهمزة بدل الألف (عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللهِ صلعم كَذَلِكَ، فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ) بضم الهمزة بعدها سين مهملة، أي: أواثبُه وأحملُ عليه وهو (فِي الصَّلَاةِ، فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى سَلَّمَ) منها (ثُمَّ) ولأبي ذرٍّ: ”فلمَّا سلَّم“ (لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ) بتشديد الموحدة الأولى مفتوحة وسكون الثانية، جمعته(5) عند صدره، وبالتَّخفيف أيضًا (_أَوْ: بِرِدَائِي_) شكٌّ من الرَّاوي (فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ؟ قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صلعم ، قُلْتُ) ولأبي ذرٍّ: ”فقلت“ (لَهُ(6): كَذَبْتَ، فَوَاللهِ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم أَقْرَأَنِي هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُهَا) ولأبي ذرٍّ: ”تقروها“ بالواو بدل الهمزة، وفيه إطلاق التَّكذيب على غلبة الظَّنِّ، فإنَّ عمر إنَّما فعل ذلك عن اجتهادٍ منه لظنِّه(7) أنَّ هشامًا خالف الصَّواب. قال عمر: (فَانْطَلَقْتُ) به (أَقُودُهُ) أجرُّه بردائه (إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم فَقُلْتُ(8): يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا) هشامًا (يَقْرَأُ بِسُورَةِ الفُرْقَانِ) بباء الجرِّ في سورة(9) (عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا، وَأَنْتَ أَقْرَأْتَنِي سُورَةَ الفُرْقَانِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : أَرْسِلْهُ يَا عُمَرُ) بهمزة قطعٍ، أي: أَطْلِقْه، ثمَّ قال ╕ : (اقْرَأْ يَا هِشَامُ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ القِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَؤُهَا. قَالَ) ولأبي ذرٍّ: ”فقال“ (رَسُولُ اللهِ صلعم : هَكَذَا أُنْزِلَتْ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : اقْرَأْ يَا عُمَرُ، فَقَرَأْتُ فَقَالَ: هَكَذَا أُنْزِلَتْ، ثُمَّ قَالَ) صلعم تطييبًا لقلب عمر؛ لئلا يُنكر تصويب الشَّيئين المختلفين: (إِنَّ هَذَا القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ) أي: لغات (فَاقْرَؤُوْا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) أي: من المنزل.
          ومطابقة الحديثِ للتَّرجمة من حيث إنَّه صلعم لم يُؤاخذ عمر‼ بتكذيبهِ لهشامٍ ولا بكونه لبَّبه بردائهِ وأراد الإيقاع به، بل صدَّق هشامًا فيما نقلَه وعذرَ عمر في إنكارهِ، وسبق في «باب كلامِ الخصوم بعضهم في بعض»، في «كتاب الإشخاص» [خ¦2419].


[1] «قال»: ليست في (ع).
[2] في (ب) و(س): «مما».
[3] في (د) و(ع): «زمن رسول الله».
[4] «منه»: ليست في (ع).
[5] في (د) و(ص) و(ع): «جمعتها».
[6] «له»: ليست في (د) و(ع)، وضرب عليها في (ص).
[7] في (د): «فظن».
[8] «له»: زيادة من (ب)، زاد في (ب): «له».
[9] في (ب) و(س): «بسورة».