إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: المسلم من سلم المسلمون من لسانه

          10- وبالسَّند السَّابق للمؤلِّف قال: (حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ) بكسر الهمزة وتخفيف المُثنَّاة التَّحتيَّة آخره سينٌ مُهملةٌ، المُتوفَّى سنة ستٍّ وعشرين ومئتين (قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) ولابن عساكر: ”عن شعبةَ“ غير منصرفٍ، ابن الحجَّاج بن الورد الواسطيُّ، المُتوفَّى بالبصرة أوَّل سنة ستِّين ومئةٍ (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ) بفتح المُهملَة والفاء، وحُكِيَ إسكانُها، ابن يُحمَدَ؛ بضمِّ المُثنَّاة التَّحتيَّة وفتح الميم أو بكسرها، الهَمْدانيِّ الكوفيِّ، المُتوفَّى في خلافة / مروان بن محمَّدٍ (وَ) عن (إِسْمَاعِيلَ) وفي رواية الأَصيليِّ وابن عساكرَ في نسخةٍ: ”ابن أبي خالدٍ“ أي: الأحمسيِّ(1)، المُتوفَّى سنة خمسٍ وأربعين ومئةٍ، كلاهما(2) (عَنِ الشَّعْبِيِّ) بفتح المُعجَمة وسكون المُهمَلة وكسر الموحَّدة؛ نسبةً إلى شَعْبٍ، بطن من هَمْدان، أبي عمرٍو عامر بن شراحيلَ، الكوفيِّ التَّابعيِّ الجليل، قاضي الكوفة، المُتوفَّى بعد المئة (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو) أي: ابن العاص القرشيِّ السَّهميِّ، المُتوفَّى بمكَّة أو الطَّائف أو مصرَ، في ذي الحجَّة سنةَ خمسٍ أو ثلاثٍ أو سبعٍ وستِّين أو اثنتين أو ثلاثٍ وسبعين، وكان أسلم قبل أبيه ( ☻ ) وكان بينه وبينه في السِّنِّ إحدى عشْرةَ سنةً، فيما(3) جزم به المِزِّيُّ، وله في «البخاريِّ» ستَّةٌ وعشرون حديثًا (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: المُسْلِمُ) الكامل (مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ) وكذا المسلِمات وأهل الذِّمَّة إلَّا في حدٍّ أو تعزيرٍ أو تأديبٍ (مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ) وهذا من جوامع كَلِمِهِ(4) ╕ الذي لم يُسبَق إليه، فإن قلت: هذا يستلزم أنَّ من اتَّصف بهذه خاصَّةً كان مسلمًا كاملًا، أجيب: بأنَّ المُرَاد بذلك: مع مراعاة باقي الصِّفات التي هي أركان الإسلام، أو يكون المُرَاد: أفضل المسلمين، كما قاله الخطَّابيُّ، وعبَّر بـ «اللِّسان» دون القول ليدخل فيه من أخرج لسانه استهزاءً بصاحبه، وقدَّمه على اليد لأنَّ إيذاءَه أكثرُ وقوعًا وأشدُّ نكايةً، ولله دَرُّ القائل:
جراحاتُ السِّنانِ(5) لها التئامُ                     ولا يلتامُ ما جَرَحَ اللسانُ
وخصَّ اليدَ مع أنَّ الفعل قد يحصل بغيرها لأنَّ سلطنة الأفعال إنَّما تظهر بها؛ إذ بها البطش، والقطع والوصل، والأخذ والمنع، ومن ثمَّ غُلِّبت، فقِيلَ في كلِّ عملٍ: هذا ممَّا عملت أيديهم، وإن كان مُتعذَّر الوقوع بها، فالمراد من الحديث ما هو أعمُّ من الجارحة؛ كالاستيلاء على حقِّ الغير من غير حقٍّ، فإنَّه أيضًا إيذاءٌ، لكنه ليس باليد الحقيقية.
          ثمَّ عطف على ما سبق قوله: (وَالمُهَاجِرُ) أي: المهاجر حقيقةً (مَنْ هَجَرَ) أي: ترك (مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ) كأنَّ المهاجرين خُوطِبوا بذلك لئلَّا يتَّكلوا على مجرَّد الانتقال من دارهم، أو وقع ذلك بعد انقطاع الهجرة؛ تطييبًا لقلوب من لم يدرك ذلك.
          وفي إسناد هذا الحديث: التَّحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلِّف أيضًا في «الرِّقاق» [خ¦6484] وهو ممَّا انفرد بجملته عن مسلمٍ، وأخرج مسلمٌ بعضه في «صحيحه»، وأخرجه أبو داودَ والنَّسائيُّ وابن حبَّان والحاكم.
          (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ) البخاريُّ، وفي رواية الأَصيليِّ وابن عساكرَ بإسقاط: «قال أبو عبد الله» كما في فرع «اليونينيَّة» كهي: (وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ) محمَّد بن خازمٍ _بالمُعجمَتين_ الضَّرير الكوفيُّ، وكان مُرجِئًا، المُتوفَّى سنة خمسٍ وتسعين ومئةٍ في صَفَرَ: (حَدَّثَنَا دَاوُدُ) زاد في رواية الكُشْمِيهَنيِّ وابن عساكرَ: ”هو ابن أبي هندٍ“ المُتوفَّى سنة أربعين ومئةٍ (عَنْ عَامِرٍ) الشَّعبيِّ السَّابق قريبًا (قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ) بن عمرٍو، وللأَصيليِّ: ”يعني: ابن عمرٍو“ ولابن عساكر: ”هو ابن عمرٍو“ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ).
          (وَقَالَ عَبْدُ الأَعْلَى) بن عبد الأعلى السَّامي _بالمُهملَة_ من بني سامة بن لُؤَيٍّ، القرشيُّ البصريُّ، المُتوفَّى في شعبانَ سنة سبعٍ وثمانين ومئةٍ (عَنْ دَاوُدَ) بن أبي هندٍ السَّابق (عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ) بن عمرو بن العاصِ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) وهذا التَّعليق وصله إسحاق بن رَاهُوْيَه في «مُسنَده».


[1] في (م): «الأخمسي» وهو تصحيفٌ.
[2] في (ص): «كليهما».
[3] في (ب) و(س): «كما».
[4] في غير (ب) و(س): «كلامه».
[5] في (ص): «السلاح».