إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية

          6921- وبه قال: (حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى) بن صفوان، أبو محمَّد السُّلَميُّ الكوفيُّ نزيل مكَّة قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) الثَّوريُّ (عَنْ مَنْصُورٍ) هو: ابنُ المعتمر (وَالأَعْمَشِ) سليمان بنِ مهران الكوفيِّ؛ كلاهما (عَنْ أَبِي وَائِلٍ) شقيق بنِ سلمة (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ) عبد الله ( ☺ ) أنَّه (قَالَ: قَالَ رَجُلٌ) لم أعرف اسمَه: (يَا رَسُولَ اللهِ، أَنُؤَاخَذُ) بهمزة الاستفهام وفتح الخاء المعجمة مبنيًّا للمفعول، أنعاقب (بِمَا عَمِلْنَا فِي الجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ) صلعم : (مَنْ أَحْسَنَ فِي الإِسْلَامِ) بالاستمرارِ عليه، وترك المعاصي (لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الجَاهِلِيَّةِ) قال الله تعالى: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال:38] أي: من الكُفر والمعاصي، وبه استدلَّ أبو حنيفة على أنَّ المرتدَّ إذا أسلمَ لم يلزمه قضاء العباداتِ المتروكة (وَمَنْ أَسَاءَ فِي الإِسْلَامِ) بأن ارتدَّ عن الإسلامِ، ومات على كُفره (أُخِذَ بِالأَوَّلِ) الَّذي عمله في الجاهليَّة (وَالآخِرِ) بكسر الخاء(1)، الَّذي عمله من الكفر، فكأنَّه(2) لم يُسلِم، فيُعاقَب على جميعِ ما أسلفَه، ولذا أورد المؤلِّف هذا الحديث بعد حديث: «أكبرُ الكبائر الشِّرك بالله»، وأوردَهما في أبواب المرتدِّين، ونقل ابنُ بطَّال عن جماعةٍ من العلماء أنَّ الإساءة هنا لا تكون إلَّا الكفر للإجماعِ على(3) أنَّ المسلم لا يُؤاخَذ بما عملَ في الجاهليَّة، فإن أساءَ في الإسلام غايةَ الإساءة، وركبَ أشدَّ المعاصِي، وهو مستمرٌّ على الإسلام، فإنَّه إنَّما(4) يُؤاخذ بما جناهُ من المعصيةِ في الإسلام.
          والحديث سبق في «الإيمان»(5).


[1] في (د): «بكسر الخاء المعجمة».
[2] في (د): «وكأنه».
[3] في (د): «عن».
[4] «إنما»: ليست في (ص).
[5] كذا قال ☼ ، وإنما قال ابن حجر في الفتح: «حديث ابن مسعود هذا يقابله حديث أبي سعيد الماضي وفي كتاب الإيمان معلَّقاً عن مالك»، انظر [خ¦ 41].