إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ما خير النبي بين أمرين إلا اختار أيسرهما

          6786- وبه قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ) هو ابنُ عبد اللهِ بنِ بكير المصريُّ قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) ابنُ سعدٍ الإمام (عَنْ عُقَيْلٍ) بضم العين، ابنِ خالدٍ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ الزُّهريِّ (عَنْ عُرْوَةَ) بنِ الزُّبير (عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) أنَّها (قَالَتْ: مَا خُيِّرَ النَّبِيُّ صلعم ) بضم الخاء / المعجمة وتشديد التحتية المكسورة (بَيْنَ أَمْرَيْنِ) من أمورِ الدُّنيا (إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْم) ولغير الكُشمِيهنيِّ: ”مَا لَم يأثَم“.
          قال(1) الكِرْمانيُّ: فإن قلت: كيف يخيَّر النَّبيُّ(2) صلعم في أمرين أحدُهما إثمٌ؟ وأجاب بأنَّ التَّخيير إن كان من الكفَّار فظاهرٌ، وإن كانَ من اللهِ والمسلمين، فمعناهُ: ما لم يؤدِّ إلى إثمٍ، كالتَّخيير في المجاهدةِ في العبادةِ والاقتصاد فيها، فإنَّ المجاهدة بحيث تجرُّ إلى الهلاكِ لا تجوز. انتهى.
          ونحوه أجابَ بهِ ابنُ بطَّال، والأقربُ _كما قال في «الفتح»_: إنَّ فاعل التَّخيير الآدميُّ وهو ظاهرٌ، وأمثلتهُ كثيرةٌ ولا سيَّما إذا صدرَ من كافرٍ.
          (فَإِذَا كَانَ‼ الإِثْمُ كَانَ أَبْعَدَهُمَا) أي: أبعدَ الأمرينِ (مِنْهُ) صلعم (وَاللهِ مَا انْتَقَمَ) صلعم (لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ يُؤْتَى إِلَيْهِ قَطُّ) بضم التحتية وفتح الفوقيَّة (حَتَّى تُنْتَهَكَ) بضم الفوقية الأولى وفتح الثانية بينهما نون ساكنة (حُرُمَاتُ اللهِ) بارتكابِ معاصيهِ (فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ) بالرَّفع، أي: فهو ينتقمُ، ولأبي ذرٍّ: ”فَيَنْتِقمَ“ بالنَّصب عطفًا على تُنتهك.
          والحديثُ سبق في «بابِ صفة النَّبيِّ صلعم » [خ¦3560].


[1] في (د): «ثم قال».
[2] «النبي»: ليست في (د).