إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن النبي أتي بنعيمان أو بابن نعيمان وهو سكران فشق عليه

          6775- وبه قال: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ) الواشحيُّ قاضي مكَّة قال / : (حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ) بضم الواو، ابنُ عجلان الباهليُّ مولاهم، أبو بكر البصريُّ (عَنْ أَيُّوبَ) السَّخْتِيانِيِّ (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ) بضم الميم وفتح اللام، وهو جدُّه (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ) ☺ (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم أُتِيَ بِنُعَيْمَانَ) بضم النون (_أَوْ: بِابْنِ نُعَيْمَانَ_) بضم النون أيضًا، بالشَّكِّ هل الَّذي أُتِي به نعيمان أو ابنه؟ ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”بالنُّعيمان أو بابن النُّعيمان“ بزيادة ألف ولام فيهما (وَهْوَ سَكْرَانُ) بعدم الصَّرف (فَشَقَّ) ذلك (عَلَيْهِ) زادهُ الله شرفًا لديه، وعند النَّسائيِّ: «فشقَّ على النَّبيِّ صلعم مشقَّةً شديدةً» (وَأَمَرَ مَنْ فِي البَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوهُ) الحدَّ (فَضَرَبُوهُ بِالجَرِيدِ وَالنِّعَالِ) قال عقبة: (وَكُنْتُ) بالواو، ولأبي ذرٍّ: ”فكنت“ (فِيمَنْ ضَرَبَهُ) وفيه: أنَّ الحدَّ يحصل بالضَّرب بالجريد والنِّعال، وكذا بالعصَا المعتدلةِ وأطرافِ الثِّياب بعد فتلِها حتَّى تشتدَّ؛ إذ القصدُ الإيلامُ وكذا بالسَّوط، وتمسَّك به من قال: يجوزُ إقامة الحدِّ على السَّكران في حالِ سكرهِ، والجمهورُ على خلافهِ، وأوَّلوا الحديث بأنَّ المراد: ذكر سببِ الضَّرب لا أنَّ ذلك الوصف استمرَّ به في حالِ ضربه؛ لأنَّ المقصودَ بالضَّرب في الحدِّ الإيلام؛ ليحصل‼ به الرَّدع(1).
          وسبقَ في الباب الَّذي قبل هذا أنَّ(2) في «كتاب الوكالة» [خ¦2361] أنَّ في روايةٍ للإسماعيليِّ: ”جئت بالنُّعيمان“ من غير شكٍّ، وكذا عند الزُّبير بن بكَّارٍ، وابن مندهْ بغير شكٍّ أيضًا، وهو النُّعيمان بن عَمرو بن رفاعة بنِ الحارث بنِ سواد بنِ مالك بنِ غَنْم بنِ مالك بنِ النَّجَّار الأنصاريُّ شهدَ العقبةَ وبدرًا والمشاهد كلَّها، وكان كثيرَ المزاح يَضْحَكُ النَّبيُّ صلعم من مزاحه، وهو صاحبُ سُويبط بن حرملةَ، فقال يومًا له: «لأغيظنَّك(3)، فجاء إلى أناسٍ جلبوا ظهرًا، فقال: ابتاعُوا منَا غلامًا عربيًّا فارهًا وهو ذو لسانٍ، ولعلَّه يقول: أنا حرٌّ، فإن كنتُم تاركيهِ لذلك فدعُوه لا تفسدُوا عليَّ غلامِي، فقالوا: بل(4) نبتاعهُ منكَ بعشر قلائصَ، فأقبلَ بها يسوقُها، وأقبلَ بالقومِ حتَّى عقلُوه(5)، ثمَّ قال: دونكُم هذا هو، فجاء القومُ، فقالوا: قد اشتريناكَ، فقال سُوَيبط: هو كاذبٌ أنا رجلٌ حرٌّ، فقالوا: قد أخبرَنَا خبرَكَ، فطرحوا الحبلَ في رقبتهِ وذهبوا بهِ، وجاءَ أبو بكر فأُخبِر(6)، فذهبَ هو وأصحابٌ له فردُّوا القلائصَ وأخذوه، فلمَّا عادوا إلى النَّبيِّ صلعم وأخبروهُ الخبرَ ضحك النَّبيُّ صلعم وأصحابه حولًا».
          ورُوِي: أنَّه جاء أعرابيٌّ إلى رسولِ الله(7) صلعم فدخلَ المسجد وأناخَ ناقتَهُ بفنائهِ، فقال بعضُ أصحاب النَّبيِّ صلعم لنُعيمان: لو نحرتَها فأكلنَاها، فإنَّا قد قَرِمْنَا إلى اللَّحم، ويغرمُ رسولُ الله صلعم ثمنَها، قال: فنحرَها نُعيمان، ثمَّ خرجَ الأعرابيُّ فصاحَ به: واعقرياهُ يا محمَّد، فخرجَ النَّبيُّ صلعم فقال: «مَن فعلَ هذا؟» قالوا(8): نعيمان، فأتبعه يسأل عنه، فوجدوه في دارِ ضُبَاعة بنت الزُّبير بنِ عبد المطَّلب مستخفيًا، فأشار إليه رجلٌ ورفع صوته يقول: ما رأيتُه يا رسولَ الله. وأشارَ بإصبعه حيثُ هو، فأخرجَهُ رسولُ الله صلعم ، فقال له: «مَا حملَك على هذا؟» قال: الَّذين دلُّوك عليَّ يا رسول الله هم الَّذين أمروا، فجعلَ رسولُ الله صلعم يمسحُ وجهَه ويضحَكُ وغَرِمَ ثمنهَا. وكان يشربُ الخمر، فلمَّا كثرَ ذلك منه قال له رجلٌ من أصحابِ النَّبيِّ صلعم : لعنكَ الله. فقال النَّبيُّ صلعم : «لا تفعلْ فإنَّه يحبُّ اللهَ ورسولَه».


[1] في (ب) و(س): «الردع به».
[2] «أن»: ليست في (ع) و(ص) و(د).
[3] في (ع): «أعطينك».
[4] «بل»: ليست في (د).
[5] في (ب): «عقلوها».
[6] في (س) زيادة: «به».
[7] «أعرابي إلى رسول الله»: ليست في (د).
[8] في (د) و(ص) و(ع): «فقالوا».