إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من أعتق رقبةً مسلمةً أعتق الله بكل عضو منه عضوًا من النار

          6715- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ) صاعقةُ قال: (حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ) بضم الراء وفتح الشين المعجمة، البغداديُّ قال: (حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ) القرشيُّ الأمويُّ الدِّمشقيُّ (عَنْ أَبِي غَسَّانَ) بفتح الغين المعجمة والسين المهملة المشدَّدة (مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ) بضم الميم وفتح الطاء المهملة وكسر الراء المشدَّدة (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) أبي أسامة العدويِّ، مولى عمر بن الخطَّاب (عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ) بضم الحاء، ابنِ عليِّ بن أبي طالبٍ المعروف بزينِ العابدين (عَنْ سَعِيدِ ابْنِ مَرْجَانَةَ) بفتح الميم وسكون الراء وفتح الجيم وبعد الألف نون اسم أمِّه، واسمُ أبيه: عبدُ الله العامريُّ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً) وفي «العتق» [خ¦2517] «أيُّما رجلٍ أعتقَ امرأً مسلمًا» (أَعْتَقَ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنَ النَّارِ) سقط: «منه» الثَّانية هنا، وفي مسلم: «عضوًا منه من النَّار» (حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ) «حتَّى» هنا عاطفة بمنزلةِ الواو إلَّا أنَّها تفارقُها من ثلاثةِ أوجهٍ: أحدُها: أنَّ لمعطوف «حتَّى» ثلاثةَ شروطٍ: أن يكون ظاهرًا لا مُضمرًا، وأن يكون جزءًا(1) إمَّا بعضًا من جمعٍ قبلَها كـ : قَدِمَ الحاجُّ حتَّى المشاة، أو جزءًا من كلٍّ نحو: أكلتُ السَّمكةَ حتَّى رأسَها، أو كجزءٍ نحو: أعجبتْني الجاريةُ حتَّى حديثَها، ويمتنعُ حتَّى ولدُها، والَّذي يضبطُ ذلك أنَّها تدخلُ حيث يصحُّ دخولُ الاستثناء، وتمتنعُ حيث يمتنعُ، ولذا(2) يمتنع: ضربتُ الرَّجلين حتى أفضلهُما، وإنَّما جاز: حتَّى نعلَه ألقاها؛ لأنَّ الصَّحيفة والزَّاد في معنى أَلقى ما يثقلهُ، وأن يكون غايةً لِمَا قبلها إمَّا في زيادةٍ أو نقصٍ، فالأوَّل نحو: مات النَّاس‼ حتَّى الأنبياء، والثَّاني نحو: زارك النَّاس حتَّى الحجَّامون، قاله في «المغني». والشُّروط الثَّلاثة موجودةٌ في هذا الحديثِ فقوله: «رقبةً» ظاهر منصوب، وقولهُ: «فرجه»(3) جزءٌ ممَّا قبله، وهو غايةٌ لِمَا قبلها، وخصَّ الفرجَ بالذِّكر؛ لأنَّه محلُّ أكبر الكبائرِ بعد الشِّرك.
          والحديث سبق في «أوائل العتق» [خ¦2517].


[1] «جزءًا»: زيادة من (ع).
[2] في (ص): «لذلك».
[3] في (د) و(ص) و(ع): «والفرج».