إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث أبي هريرة: جاء رجل إلى رسول الله فقال: هلكت

          6710- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ) البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ) بنُ زياد العبديُّ قال: (حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ) هو ابنُ راشدٍ (عَنِ الزُّهريِّ) محمَّدِ بن مسلمٍ (عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) ابن عوف (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ ‼، أنَّه (قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ) اسمهُ _كما سبق_ [خ¦6709] سلمةُ بن صخرٍ، أو هو سلمانُ بن صخرٍ، أو هما واقعتان، سبق ذلك في «الصِّيام» [خ¦1936] (إِلَى رَسُولِ اللهِ) ولأبي ذرٍّ: ”إلى النَّبيِّ“ ( صلعم فَقَالَ: هَلَكْتُ) وفي بعض الطُّرق: «وأَهْلَكْتُ» (فَقَالَ) صلعم له(1): (وَمَا ذَاكَ) الَّذي أهلككَ؟ (قَالَ: وَقَعْتُ بِأَهْلِي) جامعتُ امرأتِي (فِي) نهارِ (رَمَضَانَ. قَالَ) ╕ : (تَجِدُ رَقَبَةً) تعتقُها؟ استفهامٌ محذوفُ الأداة، والمراد: الوجود الشَّرعيُّ، فيدخلُ فيه القدرة بالشِّراء (قَالَ: لَا) أجدُ (قَالَ: هَلْ) ولأبي ذرٍّ: ”فهل“ (تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَا) وعند البَزَّار من روايةِ ابن إسحاقَ: «وهلْ لقيتُ مَا لقيتُ إلَّا من الصَّوم» (قَالَ: فَتَسْتَطِيعُ(2) أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لَا) وهل هذه الخصالُ على التَّرتيب أو التَّخيير؟ قال البيضاويُّ: رتَّب الثَّاني بالفاء على فَقْدِ الأوَّل، ثمَّ الثَّالث بالفاء على فَقْدِ الثَّاني، فدلَّ على عدم التَّخيير مع كونها في معرضِ البيان وجواب السُّؤال، فتنزلُ منزلةَ الشَّرط، وقال مالكٌ بالتَّخيير (قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ) لم أقفْ على اسمهِ (بِعَرَقٍ _وَالعَرَقُ) بفتح العين المهملة والراء آخره قاف (المِكْتَلُ) بكسر الميم وفتح الفوقية بينهما كاف ساكنة (فِيهِ تَمْرٌ_ فَقَالَ) ╕ له: (اذْهَبْ بِهَذَا) التَّمر (فَتَصَدَّقْ بِهِ، قَالَ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”فقال“: (عَلَى) ولأبي ذرٍّ: ”أَعَلى“ أي: أتصدَّق به على أحدٍ (أَحْوَجَ(3) مِنَّا يَا رَسُولَ اللهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا(4)) «ولابتيها» بغير همزٍ، تثنيةُ: لابةٍ؛ يريدُ الحرَّتين _تثنيةُ حرَّة(5)_ أرضًا(6) ذات حجارةٍ سود، والمدينةُ بينهما، وزاد في الرِّواية السَّابقة قريبًا [خ¦6709] «فضحِكَ النَّبيُّ صلعم حتَّى بدَتِ نواجذُهُ» (ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ) بقطع همزة فأَطْعمه؛ أي: أطعِم(7) ما في المكتلِ من التَّمرِ من تلزمُك نفقتهُ، أو زوجكَ، أو مطلقَ أقاربك (8). /
          ومطابقةُ الحديث للتَّرجمةِ ظاهرةٌ، فكما جازَ إعانةُ المعسرِ بالكفَّارة عن وقاعهِ في نهارِ رمضان، كذلك يجوزُ إعانةُ المعسر بالكفَّارة عن يمينهِ إذا حنثَ فيه(9)، وقد قيل: إنَّ هذا الحديث استنبطَ منه بعضهُم ألفَ مسألةٍ وأكثر.


[1] «له»: ليست في (د).
[2] في (ب) و(س): «فهل تستطيع».
[3] في (ع) و(د) زيادة: «الناس».
[4] في (ب): «منها».
[5] «تثنية حرة»: ليست في (ص) و(س).
[6] في (د): «أرض».
[7] في (د): «فأطعم».
[8] في (ع) و(د): «القرابة».
[9] في (ص) زيادة: «الشخص الذي وجبت عليه الكفارة».