إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها

          6664- وبه قال: (حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى) السُّلميُّ _بضم السين_ قال: (حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ) بكسر الميم وسكون السين وفتح العين المهملتين، ابن كِدَام _بكسر الكاف وتخفيف المهملة_ قال: (حَدَّثَنَا قَتَادَةُ) بن دِعامة قال: (حَدَّثَنَا زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى) بضم الزاي وتخفيف الراء، و«أَوْفَى» بالفاء وفتح الهمزة، العامريُّ قاضِي البصرة (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (يَرْفَعُهُ) إلى النَّبيِّ صلعم ، وسبقَ في «العتق» [خ¦2528] من روايةِ سفيان، عن مِسعر بلفظ: «عن النِّبيِّ صلعم » بدل قولهِ هنا: يرفعُه (قَالَ: إِنَّ اللهَ) ╡ (تَجَاوَزَ لأُمَّتِي عَمَّا وَسْوَسَتْ أَوْ) قال: (حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسُـَهَا) بالنَّصب للأكثرِ وبالرَّفع لبعضهم، أي: بغيرِ اختيارهَا، كقولهِ(1) تعالى: {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ}[ق:16] (مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ) بالَّذي وسوستْ أو حَدَّثت (أَوْ تَكَلَّمَ) بفتح الميم، بلفظ الماضي. وقال الكِرْمانيُّ‼ وتبعه العينيُّ بالجزم، قال: وأراد أنَّ الوجود الذِّهنيَّ لا أثر له، وإنَّما الاعتبارُ بالوجودِ القوليِّ في القوليَّات، والعمليِّ في العمليَّات.
          فإن قلتَ: ليس في الحديثِ ذكر النِّسيان الَّذي ترجم به؟ أُجيب بأنَّ مراد البخاريِّ إلحاق ما يترتَّب على النِّسيان بالتَّجاوز؛ لأنَّه من متعلَّقات عملِ القلب، وظاهرُ الحديث: أنَّ المرادَ بالعمل عملُ الجوارح؛ لأنَّ المفهوم من لفظ: «ما لم تعملْ(2)» يُشعر بأنَّ كلَّ شيءٍ في الصَّدر لا يؤاخذُ به سواءٌ توطَّن أو لم يتوطَّن، وفي الحديث إشارةٌ إلى عظم قدر الأمَّة المحمَّدية لأجلِ نبيِّها لقولهِ: «تجاوزَ لأمَّتي(3)» واختصاصُها بذلك.
          والحديث سبق في «الطَّلاق» [خ¦5269] و«العتاقِ» [خ¦2528].


[1] في (ع): «لقوله».
[2] في (ص): «يعمل».
[3] في (د) و(ص) و(ع) و(ل): «لي».