افتتاح القاري لصحيح البخاري

أهل الحديث هم خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم

          وقد نَصَب الله تعالى للسُّنَّة رجالًا رحلوا في طلبها إلى البلاد الشَّاسعة، وجمعوها من الأماكن القاصية، على اختلاف وجوهها وتَشَعُّبِ طُرُقها وتَغَايُرِ ألفاظها، وهذَّبوا إسنادَها الذي أكرم الله به هذه الأمَّة، وحرَّروا أحوال رجالها، وبيَّنوا الثِّقة من الصَّدوق، والعَدْل من المستور، والمشهورَ من المجهول، والقويَّ من اللَّيِّن، والضَّعيف من الواهي، والمتروكَ من الكذَّاب، حتَّى عُرِفَ صحيح السُّنن من سقيمها، ومُسْنَدُهَا من مرسلها، ومرفوعُها من موقوفها، وموصولُها من مقطوعها، ومعلَّلُها من سليمها، ومقلوبُها من قويمها، ومتواترُها من أفرادها وشاذِّها، ومشهورُها من غريبها، وناسخُها من منسوخها، ومبيَّنُها من مجملها، ودوَّنوها للطَّالبين، ونفوا عنها تحريفَ الغالِين، وانتحالَ المُبْطِلين، وشُبَه المبتدعين، فأهلُها هم خلفاءُ رسول الله صلعم / الذين دعا لهم بالرَّحمةِ والنَّضْرَةِ. /
          قال أبو محمَّد يحيى بن محمَّد بن صاعدٍ: وحدَّثنا محمَّد بن الحسن الهَمَذَانيُّ الكوفيُّ: حدَّثنا أبو طاهر أحمد بن عيسى بن عبد الله العَلَويُّ: حدَّثنا ابن أبي فُدَيكٍ، عن هشامِ بن سعدٍ، عن زيد بن أسلمَ، عن عطاء بن يسارَ، عن ابن عبَّاسٍ: سمعت عليَّ بن أبي طالبٍ ☺ يقول:
          خرج علينا رسولُ الله صلعم فقال: «اللهمَّ ارحم خُلفائي». قُلنا: يا رسول الله ومنْ خُلفائكَ؟ قال: «الذين يَأْتونَ مِنْ بَعْدِي، يَرْوُوْنَ سُنَّتي وأَحاديثي ويعلِّمُونها النَّاس».