افتتاح القاري لصحيح البخاري

في رجاله ومرتبتهم

          وما في مشايخه فمن فوقهم رجل محتجٌّ به في الأصول إلَّا ورواياته صحيحة، وقد تكون حسنة، ومَنْ احتجَّ به في الكتاب / متابعة أو استشهادًا فمنهم مَنْ هو ثقة ومنهم مَنْ في توثيقه توقُّف، لكن مَنْ خرَّج له في ((الصَّحيح)) لحق بالثِّقات.
          وكان الحافظ أبو الحسن علي بن المُفَضَّل المقدسيُّ يقول في الرَّجل الذي يُخَرَّج عنه في الصَّحيح: (هذا جَازَ القَنْطَرَةَ)؛ يعني(1) بذلك أنَّه لا يُلْتَفَتُ إلى ما قيل فيه.
          قال الإمام أبو الفتح محمَّد بن علي وهب القُشَيْرِيُّ المَنْفَلُوطيُّ ☼: (وهكذا نعتقد وبه نقول، ولا نخرج عنه إلَّا ببيان شافٍ وحجَّةٍ ظاهرة تزيد في غلبة الظَّنِّ على المعنى الذي قدَّمناه من اتِّفاق النَّاس بعد الشَّيخين على تسمية كتابيهما بالصَّحيح). انتهى.
          قال الحاكم أبو عبد الله في كتابه ((المدخل إلى معرفة رجال الصَّحيحين)): (والبيان أنَّهما _يعني: الشَّيخين_ لم يخرجا الحديث في كتابيهما إلَّا عن الثِّقات الأثبات، إلَّا عند الاستشهاد بخبر لم يستغنيا فيه عن تقييده / بمتابعِ شاهد يكون في الحفظ والإتقان دون المتابع؛ لأنَّ كلَّاً منهما قد احتاط لدينه / فيما نحا نحوه وأتعب من بعده في طلب ما خرَّجه، فجزاهما الله عن دينهما ونبيِّهما ╕ خيرًا).


[1] في الأصل: (يعين).