افتتاح القاري لصحيح البخاري

حكم اختصار الحديث وتقطيعه

          ومن عادة البخاريِّ اختصار الأحاديث وتقطيعها في عدَّة تراجم من ((صحيحه))، والعلماء مختلفون في جواز ذلك على أقوال:
          أحدها: المنع مطلقًا.
          والثَّاني: الجواز إذا لم يُخِلَّ حذفه بالمعنى كالاستثناء والشَّرط والحال ونحو ذلك، فإن أخلَّ لم يجز بلا خلاف.
          والثَّالث: أنَّ المُخْتَصِرَ إن لم يكن قد رواه مرَّة أخرى بتمامه، أو لم(1) / يعلم أنَّ غيره رواه تامًا لم يجز، وإن كان قد رواه تامًّا مرَّة أخرى [هو](2) أو عَلِم أنَّ غيره رواه جاز.
          والرَّابع: وهو الصَّحيح كما قال ابن الصَّلاح: أنَّه يجوز / ذلك من العالم العارف إذا كان ما تركه متميِّزًا عمَّا نقله غير متعلِّق به، بحيث لا يختلُّ البيان ولا تختلف الدَّلالة فيما نقله بترك ما تركه.
          قال ابن الصَّلاح: (فهذا ينبغي أن يجوز وإن لم يجز النَّقل بالمعنى؛ لأنَّ ذلك بمنزلة خبرَين منفصلَين). انتهى.
          ومن هذا الرَّابع اختصارُ البخاريِّ للأحاديث عند حصول الفائدة التي عقد لأجلها التَّرجمة حتَّى كأنَّ الحديث تامٌّ عند سامعه.


[1] في (ب): (ولم).
[2] ما بين معقوفين زيادة من النسخة الأصل، وليست في (ب) ولا المطبوع.