الإفهام لما في البخاري من الإبهام

المقدمة

          ♫
          وصلَّى الله على سيِّدنا محمَّد وآله(1)
          الحمد لله العالم بغوامض الأُمور، فلا تخفى(2) عليه خافية، القائم بمصالح القليل والجمهور، فلم تزل أرزاقُه لجميع العباد كافية، الدائم على مَمَرِّ الدُّهور، فلم تبرح أدويته لأدواء(3) خَلْقه شافية، بعَثَ الرُّسُلَ(4) لإبانة الطُّرُق النيِّرة الوافية، ووَعَد على طاعته وطاعتهم فيما جاؤوا به بجنَّةٍ عاليةٍ، وهي سلعةٌ رخيصةُ التَّناول ولكنَّها في القَدْر غالية، وصلَّى(5) الله على سيِّدنا محمَّد الذي خَتمَ به الرُّسلَ(6) الماضية، وجعلَ أمَّته خيرَ الأمم والأدلَّةُ على ذلك زاهرةٌ زاهية، وخصَّهم بسلسلة إسناد الحديث أَعظِمْ بها مِن سلسلةٍ زاكية، ورضي(7) عن أتباعهم الذين حضُّوا على الطرق الصحيحة وتجنَّبوا الطرق الواهية.
          أمَّا بعد:
          فإنَّ مِنْ أَعلى علوم الحديث الراقية، وأغلى فرائده التي هي على صفحات الدهر باقية، وأحلى فوائده التي تُطرَّز بها(8) المحافل السَّامية، إظهارَ مُبهماتِه التي هي عن بعض الأذهان قاصية، ولم أرَ تخصيص ذلك ببعض كتب الحديث ممَّن صنَّف في ذلك في الأزمنة الخالية، وكان كتاب الإمام(9) أبي عبد الله البخاريِّ المشتمل على المعارف النامية، والدلائل التي هي(10) على جميع المصنَّفات قاضية، قد اشتغل به أهل الزمان ولبَّوا بالإجابة داعيَه، وصار دأبُهم السُّؤالَ عن مبهماته لِمَا عندهم من الباعثة والداعية، فاستخرتُ الله تعالى في جمع كتابٍ على ترتيبه ليصير عند إسماعه(11) دانية، والمنقول بالبيان حالٍ(12) ، وشرطي أن أذكر عاطلَه وحالِيَه(13) ، وما عثرت عليه بعد ذلك ألحقته، وأنا من وراء الطلب لما ألزمتُ نفسي أن تعانيه(14)، وقد مكث حبر الأمَّة(15) ابنُ عباس في تطلُّب مُبْهَمٍ(16) أربع عشرة(17) سنة مع الفِكَر التي ليست(18) بناسية، وفي «الصحيح»: أنَّه مكث سنة يريد أن يسأل عن المرأتين المتظاهرتين مع وجود الحال الصافية، فكيف بهذا الزمان الذي نفوسُ أهله عن الخير فاطمة، وعلى فوات الشر آسية، واللهُ المسؤول أن يُعين على إكماله إنَّه المنعم بالمواهب المتوالية، وسمَّيتُه:
          «الإفهام لما في البخاري من الإبهام»
          واللهَ أسألُ أن يجعلنا من أهل العيشة /
          الرَّاضية، آمين، والحمد لله رب العالمين.


[1] (وصلى الله على سيدنا محمد وآله): مثبت من (ق)، وفي (أ) (رب يسر يا كريم)، وزيد في (م): (اللهم صلَّي وسلِّم على سيدنا محمد وآله وصحبه).
[2] في (ت) و(م): (يخفى).
[3] في (م): (أداوي).
[4] في (ت): (الرسول).
[5] في غير (أ): (فصلى).
[6] في (م): (الرسالة).
[7] زيد في (م): (الله).
[8] في (م): (تطرزتها).
[9] (الإمام): ليس في (م).
[10] (هي): ليس في (ت).
[11] في غير (ق): (استماعه). وكذا المطبوع.
[12] في (أ): (خال). وكذا المطبوع.
[13] في (أ): (وخاليه). وكذا المطبوع.
[14] في (ت): (أعاينه). وكذا المطبوع.
[15] في (أ): (الأئمة). وكذا المطبوع.
[16] في (أ): (منهم).
[17] في (أ): (عشر).وكذا المطبوع.
[18] في (ت): (ليس).