أعلام الحديث في شرح معاني كتاب الجامع الصحيح

حديث: أعطى رسول الله خيبر اليهود أن يعملوها ويزرعوها

          554/ 2499- قال أبو عبد الله: حدَّثنا مُوسَىَ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قال: حدَّثنا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عن نَافِعٍ:
          عَنْ ابن عمر قَالَ: أَعْطَىَ / رَسُولُ اللهِ صلعم خَيْبَرَ الْيَهُودَ (1)، أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُ (2) شَطْرُ (3) ما يَخْرُجُ منها.
          معنى قوله: (أن يعملوها) أي: يَعملُوا (4) في النَّخْل منها، ويَزْرَعُوا (5) بَيَاضَ أرضها، ولذلك سَمَّوْا المُسَاقَاةَ مُعَامَلةً.
          وفيه إثْباتُ المُزارَعَة والمُسَاقَاةِ معاً.
          وقد اسْتَدَل به بعضُ الناس في جواز مُضَاربَةِ المُسْلمِ الذِّمِّي، قال: وذاكَ لأنَّها (6) قياسُ المعاملة والمُزَارعَة في أنَّ (7) أَحَدَ (8) الشِّقَّينِ منها المالُ، والشِّقُّ الآخَرُ العمل.
          قلت (9) : وإنَّما كَرِهَ من كره مُضَارَبَةَ اليَهوديِّ والنَّصْرانيِّ من أَجْلِ أنَّهم قد يَشْتَروُن الخَمرَ والخِنْزِيرَ، ويُرْبُونَ في بِيَاعَاتـهم، وذلك ممَّا لا يجوزُ للمسلمُ أن يَفْعَله، ولا يصحَّ له العَقْدُ عليه، وليس كذلك سَبيل المعاملة في الشَّجر والمُزارَعة في بَياضِ الأرض؛ لأنَّ العملَ من اليَهوديِّ كهُو من المسلم، إذْ (10) كان ذلك شيئاً (11) معلوماً لاَ يَخْتَلفُ.
          وعلى نحو هذا المعنى جَازَ للمسلم أن يُؤَاجِرَ نَفْسَه من الكافر إذا كان العملُ الذي يَعملُه (12) معلوماً، كالبناء والخِياطةِ ونحوهما، فإن كان غير مَعْلُومٍ لم يَجُزْ؛ لأنَّه قد يَسْتَعْمِلُه فيما لا يَحلُّ للمسلم أن يَفْعَلَه، ويَدْخُلَ بذلك عليه في دِينه (13) غَضَاضَةً، ويَلْزَمُه (14) فيه حَرَجٌ.
          وقوله (15) : (وله شَطْرُ ما يَخْرُجُ منها) دليلٌ على أنَّ رَبَّ الأرض والشَّجَر إذا بَيَّنَ حِصَّةَ نَفْسِه من الثمر والزَّرْعِ فقال: لي النِّصْفُ أو الثُّلثُ، أو مَاَ شَرَطَ، كان الباقي منها للعاملِ، كما لَوْبَيَّنَ حِصَّةَ العاملِ فقال: له الشَّطْرُ أو غَيْرُه، كان الباقي لِرَبِّ الأرضِ أو الشَّجرَ، وأنَّه لا فَرْقَ بين ذلك في الشِّقَّين.
          وقد قال بعضُ الفقهاء: إذا سَمَّى لنفسه حِصَّةً معلومةً لم يكن الباقي من الثمر للعامل حتَّى يُسمِّي له حِصَّته.


[1] في (م): (ليهود).
[2] في (أ) و(م): (ولهم).
[3] في (ط): (شرط).
[4] في (ف): (أي يعملون).
[5] في (م): (ويدعوا).
[6] في (أ): (لأنه).
[7] (أن) سقطت من (ط).
[8] في (م): (في أحد).
[9] في (ف): (قال الشيخ).
[10] في (ف): (إذا).
[11] في (أ): (شائعاً).
[12] في (أ): (يعمل فيه).
[13] في (ط): (بذلك على دينه).
[14] في (ط): (ويلزم).
[15] في الفروع: (وفي قوله).