الأجوبة المستوعبة عن المسائل المستغربة

حديث: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسّفر

          الحديث السَّادس: حديث عائشة ♦ قالت: «فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ» [خ¦350]، والجواب: أنَّ الكلام في هذا الحديث يطول، وقد ذكرنا في كتابنا «التمهيد»(1) وفي «الاستذكار» أيضًا، ولكن نذكر منه ههنا جملًا كافيةً إن شاء الله تعالى، فنقول: إنَّ هذا الحديث ليس على ظاهره إنْ صحَّ مُعَبَّدُهُ(2)؛ لأنَّ هناك آثارًا كثيرةً تدفعه، فأمَّا إسناده وصحَّته من جهة النَّقل؛ فلا مقال فيه لأحدٍ، فممَّا يوهن هذا الحديث أنَّ ظاهره يوجب قصر الصَّلاة فرضًا / وعائشة التي جاءت به ♦ عَمِلت بخلافه، وعملها بخلافه مشهورٌ عنها، ولا تحزن(3) تعمل بخلافه إلَّا لأنَّه عندها وهمٌ رجعت عنه، أو لمعنًى يزيله عن ظاهره؛ لأنَّه خبرٌ لا يجوز فيه النَّسخ؛ لاستحالة نسخ الأخبار، وإنَّما ينسخ الأمر والنَّهي، وإمَّا لكثرة الرُّجوع عنه إقرارًا(4) بالوهم والنِّسيان، فمن ههنا دفع العلماء جواز النَّسخ على ما كان مخرجه مخرج الخبر في الكتاب والسُّنَّة، فقف على هذا الأصل.
          ذكر عبد الرزَّاق عن معمرٍ عن الزُّهريِّ عن عروة عن عائشة: «أنَّها كانتْ تُتمُّ في السَّفَرِ»، فإنْ قال قائل: إنَّ عائشة ♦ إنَّما أتمَّت في السَّفر؛ لأنَّها أمُّ المؤمنين، فحيث نزلت فهي عند بيتها وكأنَّه منزلها؛ قيل له: هذا تأويلٌ فاسدٌ لا وجه له، ولا يجوز مثله أن يُتأوَّل على عائشة ♦ لما فيه من خلاف السُّنَّة والإجماع؛ لأنَّه لو كان نزولها حيث نزلت منزلًا لها لأنَّهم بنوها؛ لما جاز لها القصر أصلًا؛ لأنَّها في منزلها، وقد أجمع المسلمون أنَّ القصر كان لها مباحًا في سفرها، وأكثرهم يقول: لا ينبغي ترك القصر، ولو كان ذلك كذلك ما قصر النبيُّ صلعم وهو أبو المؤمنين، وبه صارت / عائشة أمَّ المؤمنين، أَلَا ترى إلى قراءة أُبيِّ بنِ كعبٍ ☼: «النَّبيُّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمَّهاتُهم وهو أبٌ لهم»(5)، وقد كان للمؤمنين أمَّهاتٌ عدَّةٌ يسافِرْنَ(6) في الحجِّ والعمرة وغيرها، فما بلغنا عن واحدةٍ منهنَّ أنَّها تأوَّلت هذا التَّأويل، وقد تأوَّلت طائفةٌ على عائشة ◄ تأويلًا أضعف من هذا، لا يليق منَّا قبوله ولا ذكره، ولا يليق بنا مثله، والذي يجوز أن يُتأوَّل عليها ما قد وافقها فيه غيرها، فقد أتمَّ الصَّلاة في السَّفر جماعةٌ من السَّلف الصَّالح؛ منهم عثمان بن عفَّان وسعد بن أبي وقَّاصٍ وغيرهما، وقد تُؤوِّل على عثمان في إتمامه تأويلاتٌ لم يُروَ شيءٌ منها عنه، وإنَّما هي ظنونٌ وتوجيهاتٌ(7)، والله أعلم، وقد عاب ابنُ مسعودٍ على عثمان بالإتمام في سفره، ثمَّ أدام عثمانُ الصَّلاةَ، وفي ذلك الوقت يُصلِّي ابن مسعودٍ خلفه وأتمَّ معه، فقيل له: أنت تعيبُه بالإتمام وتتمُّ معه؟ فقال: (الخلافُ شرٌّ)(8)، فلو كان القصر عند ابن مسعودٍ فرضًا؛ لم يُتمَّ معه ولم يُصلِّ خلفه، ولكنَّه كان عنده _والله أعلم_ سنَّةٌ ورخصةٌ، فكره خلاف إمامه فيما قد أُبيح له.
          ومثل قصِّة ابن مسعودٍ هذه حديث سلمان، ذكر عبد الرزَّاق / عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن ابن أبي ليلى الكنديِّ، عن سلمانَ: أنَّه كان مع قومٍ في السَّفر فحضرت الصَّلاة، فقالوا له: صلِّ، فقال: (إنَّا لا نؤمُّكم، ولا ننكح نساءكم)، وأبى، فتقدَّم رجلٌ من القوم فصلَّى أربع ركعاتٍ، فلمَّا سلَّم؛ قال سلمان: (ما لنا وللمربِّعة؟! إنَّما كان يكفينا نصف المربِّعة، ونحن إلى الرُّخصة أحوجُ)، فلم يُعِد سلمان الصَّلاة، وأخبر أنَّ القصر رخصةٌ، فتدبَّر.
          وممَّا يقدح في حديث عائشة إتمامها في السَّفر، ومثله أيضًا إجماع الفقهاء على أنَّ المسافر إذا صلَّى خلف المقيم وأدرك معه ركعةً تامَّةً أنَّه يصلِّي أربعًا، ولو كان فرض المسافر ركعتين؛ لم ينتقل إلى أربعٍ مع إمامه، كما أنَّ المقيم إذا صلَّى به المسافرُ؛ لا ينتقل فرضه للائتمام بإمامه، بل يتمُّ صلاته بعد سلام إمامه المسافر؛ كما أمر به رسول الله صلعم [و] عمّن بعده، حيث قالا بمكَّة _كلُّ واحد منهما في وقته لمن صلَّى معهما من المقيمين وهما مسافران_: «أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ؛ فَإِنَّا قَوْمٌ سُفْرٌ»(9)، ولم يبلغنا أنَّ أحدًا من علماء المسلمين ينهى المسافر إذا أقيمت عليه في الحضر الصَّلاةُ في المسجد عن الدُّخول معهم، وهذا كلُّه يدلُّك / على أنَّ القصر ليس بفرضٍ عندهم، وإنَّما هو سنَّةٌ وإباحةٌ، وحدَّثت عائشة أحاديث عن النَّبيِّ صلعم، فمنها حديث عمر بن الخطَّاب أنَّ يعلى بن أميَّة قال له: ما لنا نقصرُ الصَّلاةَ في السَّفر ونحن آمنون، وقد قال الله: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ} [النساء:101] ونحن نجد أمنًا؟! فقال عمر: عجبتُ ممَّا عجبتَ منه، فسألت رسول الله صلعم عن ذلك، فقال رسول الله صلعم: «تِلْكَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» [م:686]، وهذا يدلُّ على أنَّ القصرَ رحمةٌ وتوسعةٌ وسنَّةٌ مسنونةٌ، ومنها حديث المغيرة بن زيادٍ عن عطاءٍ عن عائشة: «أنَّ رسول الله صلعم صام في السَّفر وأفطر، وأتمَّ الصَّلاة وقصر»، وحديث طلحة [بن](10) عمرٍو عن عطاءٍ عن عائشة قالت: «كِلَا الأمرين قد فعل رسول الله صلعم؛ قد صام وأفطر، وأتمَّ وقصر في السَّفر»، ومنها أيضًا حديث أنس بن مالكٍ الأنصاريِّ: ([إنَّا معاشر](11) أصحاب رسول الله صلعم نسافر فيتمُّ بعضنا ويقصر بعضنا، ويصوم بعضنا ويفطر بعضنا، فلا يعيب أحدٌ منِّا على صاحبه).
          وقد ذكرنا / هذه الآثار وغيرها في كتاب «التَّمهيد» في باب: ابن شهابٍ عن رجلٍ من آل خالد بن أسيدٍ(12)، فاقتصرنا ههنا على المتون دون الأسانيد بشرط الاختصار، والفرار من الإكثار، ومنها أيضًا حديث عمرو بن أميَّة الضَّمْريِّ وحديث الجُرَشيِّ(13)، ومنها حديث أنس بن مالكٍ القُشيريِّ: أنَّ رسول الله صلعم قال: «إنَّ الله قدْ وضعَ عن المسافر الصَّومَ وشطْرَ الصَّلاة»، وظاهر قوله: «وضع» أنَّ ذلك فيما قد كان وجب، فوضع منه أو فيه، هذا التَّأويل دليلٌ على أنَّ الصَّلاة لم تُفرَض ركعتين ركعتين؛ كما قالت عائشة.
          وقد قال بأنَّ الصَّلاة فرضت أربعًا أربعًا حتَّى(14) فُرضت وصلَّى رسول الله صلعم في السَّفر ركعتين، جماعةٌ من أهل العلماء، منهم: ابن عبَّاسٍ ونافع بن جبير بن مطعمٍ والحسن البصريُّ؛ كلُّهم يزعم أنَّ الصَّلاة أوَّل ما فرضت أربعًا، وذلك اليوم الذي أصبح فيه رسول لله صلعم من ليلة أُسري به، أتاه جبريل فصلَّى به عند البيت الصَّلوات، بدأ بالظُّهر وختم بالصُّبح في يومين، أربعَ ركعاتٍ أربع ركعاتٍ إلَّا المغرب والصُّبح، ولا يختلف أهل السِّير بالأثر أنَّ الصَّلاة لم تفرض إلَّا بالإسراء، وأنَّ / جبريل نزل على النَّبيِّ صلعم صبيحة تلك اللَّيلة وقتَ الظُّهر، فصلَّى به على هيئة صلاتنا اليوم، وهذا كلُّه من قولهم: يدفعُ حديثَ عائشة أو يصرفه عن ظاهره، وقد ذكرنا ما للعلماء في هذا الباب من الآثار والأقوال مستقصًى في كتاب «التَّمهيد»، وهذا الذي ذكرتُ لك مذهب مالك بن أنسٍ وأكثر أصحابه وأهل المدينة.
          حكى أبو الفرج القاضي عن أبي المصعب الزُّهريِّ عن مالكٍ قال: (القصر في السَّفر للنِّساء والرِّجال سنَّة)، ثمَّ قال أبو الفرج: (فلا معنى للاشتغال بالاستدلال على مذهب مالكٍ مع ما ذكره أبو المصعب عنه أنَّ القصر عنده سنَّة لا فرضٌ)، وممَّا يدلُّ على ذلك من مذهبه أنَّه لا يرى الإعادة على من أتمَّ في السَّفر إلَّا في الوقت.
          قال أبو عمر: أصل القصر في السَّفر مع الخوف خرج مخرج الإباحة والرُّخصة؛ لقوله ╡: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاةِ} [النساء:101]، ثمَّ سنَّ رسول الله صلعم القصرَ / في السَّفر أمنًا، فهو على ذلك الأصل، والله أعلم.
          وقد روينا عن عبد الله بن عمر ☻ والقاسم بن محمَّدٍ: أنَّهما قالا [بذلك.
          حدَّثنا عبد الوارث بن سفيان وسعيد بن نصرٍ قالا: حدَّثنا قاسم]
(15) بن أصبغ قال: حدَّثنا عبد الله بن روح المدائنيُّ قال: حدَّثنا عثمان بن عمر قال: أخبرنا مالك بن المِغْول عن أبي حنظلة الحذَّاء قال: (قلت لابن عمر: أُصلِّي في السَّفر ركعتين، والله تعالى يقول: {إِنْ خِفْتُمْ} [النساء:101]، ونحن نجد الزَّاد والمزاد(16)، فقال: كذلك سنَّ رسول الله صلعم).
          حدَّثنا عبد الوارث بن سفيان قال: حدَّثنا قاسم بن أصبغ قال: [حدَّثنا عبد الله بن روحٍ المدائنيُّ، قال: حدَّثنا عثمان بن عمر، قال] :(17) حدَّثنا مالك بن مغولٍ عن أبي حنظلة قال: (سألت ابن عمر عن صلاة السَّفر؟ فقال: ركعتين، قلت: فأين قوله: {إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} [النساء:101] ونحن آمنون؟ فقال: سُنَّة محمَّدٍ صلعم)، وروى قتادة عن صفوان بن مُحْرِزٍ(18) : أنَّه سأل عبد الله بن عمر عن صلاة السَّفر؟ فقال: (ركعتان، سنَّةُ محمَّدٍ صلعم).
          وروى ابن وهب عن ابن لهيعة عن بُكير بن الأشجِّ عن القاسم بن محمَّد أنَّ رجلًا قال له: عجبت من عائشة حين كانت تصلِّي أربعًا في السفر ورسول الله صلعم كان يصلِّي ركعتين؟! فقال له القاسم: (عليك بسنَّة رسول الله صلعم / فإنَّ من النَّاس من لا يعاب).
          ومثل هذا حديث عبد الله بن عمر أيضًا إذ سأله أميَّة بن عبد الله بن خالد بن أسيد(19) فقال له: (إنَّا نجد صلاة الخوف وصلاة الحضر في القرآن، ولا نجد صلاة السفر؟ فقال له عبد الله بن عمر: يا بن أخي؛ إنَّ الله بعثَ إلينا محمَّدًا صلعم ولا نعلم شيئًا، وإنَّما نفعل كما رأيناه يفعل)، ولم يقل ابن عمر للسَّائل قالت عائشة: إنَّ الصَّلاة في السفر والحضر هكذا فرضت، فإن قال قائل: إنَّ عمر بن الخطَّاب قد قال: (صلاة السفر ركعتان تمامٌ غير قصرٍ على لسان نبيِّكم صلعم)، وفي هذا دليل على أنَّها لا قصر فيها وإنَّما هكذا فُرضت.
          قيل له: لا دليل فيه على ما ذكرت؛ لأنَّ عمر هو الذي روى عن رسول الله صلعم أنَّ القصر في السفر صدقة تصدَّق الله بها على عباده؛ يعني: توسعةً ورُخصةً ورحمةً.
          ومعنى حديث عمر _والله أعلم_ إنْ صحَّ عنه أنَّ صلاة السَّفر ركعتان تمام غير قصر(20)؛ يعني: أنَّ ذلك تمام في الأجر غير نقصٍ منه، وتمام في أداء فريضة / غير نقصٍ منها بها كمن صلَّى أربعًا في الحضر سواء، كلٌّ قد أدَّى فرضه وكُتِب له أجره، هذا ما لا يُدفع احتماله، والله أعلم.
          على أنَّه(21) حديث كوفيٌّ، وقد اختُلِف في إسناده، فإنْ قال: إنَّ ابن عبَّاس يقول: (فرضت الصلاة في الحضر أربعًا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة)، وفي هذا دليل على أنَّ صلاة السفر هكذا فرضت ركعتين، وهو فرضها.
          قيل له: حديث ابن عبَّاس هكذا يعارض حديث عائشة؛ لأنَّه يقول: إنَّها فرضت في الحضر أربعًا، وعائشة تقول: فرضت في السفر والحضر ركعتين، ثمَّ زيد في صلاة الحضر، وقد يكون معنى قول ابن عبَّاس: (فرضت)؛ يعني: قدِّرت، واستقرَّ حكمها، كما يُقال: فرض القاضي نفقة اليتيم والزوجة كذا وكذا، بمعنى: قدَّرها وحكم بها، لا أنَّه أوجبها، ومن أصحابنا وغيرهم من جعل قصر الصَّلاة في السَّفر فرضًا، والذي اختاره أبو الفرج أنَّها سُنَّة لرواية أبي المصعب ذلك عن مالك فلا معنى للاشتغال بجعلها في حيِّز الفروض، واحتجَّ بالإجماع على جواز / إتمامها خلف المقيم، قال: ولو كان القصرُ مفروضًا؛ لما جاز للمسافر أن يتمَّ في حال سفره خلف مُقيم ولا غيره، كما أنَّ الإتمام لها لو كان على المسافر(22) مفروضًا لم يجز له الاقتصار على صلاة المسافر، وهذا المعنى قد ذكرناه فيما سلف من هذا الباب.
          واحتجَّ أبو الفرج _أيضًا_ بحديث أنس: (سافرنا مع رسول الله صلعم فمنَّا الصَّائم ومنَّا المفطر ومنَّا المقصِّر، فلم يعب واحدٌ منَّا على صاحبه).
          قال أبو عمر: وهذا حديث انفرد به العمِّيُّ وليس بالقويِّ، والصوابُ عندي في هذا الباب أنَّ قصر الصَّلاة في السَّفر من السُّنن المؤكَّدة التي لا ينبغي تركها ولا الرَّغبة عنها، وأنَّ الفضل في إتيانها، وبالله التوفيق.
          ذكر عبد الرزَّاق عن ابن جُريج عن عطاء قال: (لا أعلم أحدًا من أصحاب رسول الله صلعم أتمَّ الصَّلاة في السَّفر إلا سعد بن أبي وقَّاص)، قال: (وكانت عائشة توفي الصلاة في السفر وتصوم، قال: وسافر سعد بن أبي وقَّاص ونفر من أصحاب النَّبيِّ صلعم / فأتمَّ سعدٌ الصَّلاة وصام، وقَصَّرَ القوم وأفطروا، فقالوا لسعد: كيف نفطر ونقصر الصلاة وأنت تتمُّها وتصوم؟ فقال: دونكم أمركم؛ فإنِّي أعلم بشأني).
          قال عطاء: (فلم يحرِّمه عليهم سعد، ولم ينههم عنه)، قال ابن جريج: (فقلت لعطاء: فأيُّ ذلك أحبُّ إليك؟ قال: قصرها، وكلٌّ ذلك قد فعل الصالحون).
          والاختيار عن الثوري، عن عاصم، عن أبي قِلابة أنَّه كان يقول: (إن صلَّيت في السفر أربعًا فقد صلَّاها مَن لا بأس به، وإن صلَّيت ركعتين فقد صلَّاها مَن لا بأس به).
          قال أبو عمر: وسُنَّة رسول الله صلعم في القصر أولى وأفضل إن شاء الله تعالى.
          حدَّثني سعيد بن نصر قال: حدَّثنا قاسم بن أصبغ قال: حدَّثنا ابن وضَّاح قال: حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدَّثنا ابن عُليَّة عن عليِّ بن زيد عن أبي نضرة قال: مرَّ عمران بن حصين في مجلسنا، فقال: (غزوت مع رسول الله صلعم فلم يصلِّ إلَّا ركعتين حتَّى رجع إلى المدينة، وشهدت معه الفتح فأقام بمكَّة ثماني عشرة ليلةً لا يُصلِّي إلَّا ركعتين، / ثمَّ يقول لأهل البلد: «صلُّوا أربعًا؛ فإنَّا سُفرٌ»، واعتمرت معه ثلاث عُمَر لا يصلِّي إلَّا ركعتين).


[1] التمهيد في الحديث الثاني لصالح بن كيسان16/293، والاستذكار في باب قصر الصلاة في السفر2/215.
[2] المُعَبَّدُ -كمُعَظَّمٍ-: المُذَلَّلُ من الطَّرِيقِ وغيرِهِ،وقيل: الطَّرِيقُ المَوطُوءُ، ومراده سنده من هذا الطريق المشهور، إذ هو من طريق: مالك عن صالح بن كيسان عن عروة بن الزبير عن عائشة.
[3] تهتم وتتحرج من ذلك. وفي المطبوع: (ولا تحسن).
[4] في الأصل: (إقرارٌ).
[5] وهي قراءة تفسيرية.
[6] في الأصل: (يسافرون).
[7] في الأصل: (توجُّهاتٌ).
[8] أخرجه أبو داود [ح: 1962].
[9] أخرجه أبو داود: [ح: 1231].
[10] في المخطوط: (طلحة و).
[11] بياض في الأصل.
[12] في المخطوط: (أسد).
[13] في المخطوط: (الحرشي) بالحاء، والصواب ما أثبته، وهو ربيعة الجُرَشي.
[14] في المخطوط: (حتى).
[15] سقط في المخطوط استدركناه من التمهيد.
[16] في الأصل: (المراد).
[17] سقط في المخطوط استدركناه من التمهيد.
[18] في المخطوط: (محمد).
[19] في المخطوط: (أسد).
[20] في المخطوط: (قصير).
[21] في المخطوط: (أن).
[22] في المخطوط: (الحاضر) وهو خطأ.