البخاري أضواء على حياته وجامعه

طلبه للعلم

          في رحاب العلم
          إنه لبعض الوفاء أن توجِّه هذه الأم الصالحة طفلها إلى رحاب العلم؛ ليحمل منه نصيباً وافراً يضيء به طريق الناس، فحفظ ابنها القرآن الكريم في سن مبكرة، ثم لفت نظره ما يتعلمه أترابه من علوم الدين، فنظر بفكره الثاقب إلى نوع من الدراسة يلاقي صدى في نفسه ورغبة في أعماقه، فاختلف إلى علماء الحديث يروي فؤاده وينقع غليله.
          إلهام الحديث
          سأل البخاريَّ ورَّاقُه أبو حاتم كيف كان بدء أمرك؟ فأجاب: (أُلهمت الحديث في المكتب ولي عشر سنين أو أقل، ثم خرجت من المكتب بعد العشر، فجعلت اختلف إلى الإمام الداخلي) ولقد لازم البخاريُّ شيخه يغتذي منه ثمار الحديث وينقع غليله من رحيق السعادة. ما أسعد هذا الطالب وهو بين يدي معلمه يتأدَّب بآدابه ويتعلم منه الأحاديث... وزملاؤه يلحظونه، فينظرون إليه بغرابة وفضول ويسألونه.
          عن ظهر قلب
          تقدم منه زميلان له وقالا له: كنا نراك في الدرس لا تكتبُ ما تسمع، وأكثرا عليه، فأجابهم: لقد أكثرتما عليَّ فاعرضا عليَّ ما كتبتما، فأخرجا إليه ما كان عندهما، فزاد ذلك على خمسة عشر ألف حديث، فقرأها كلها عن ظهر قلب حتى / جعلا يًحْكِمان كتبهما من حفظه.