الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قصة غزوة بدر

          ░3▒ <باب: قصَّة غَزْوَةِ بَدْرٍ>
          هكذا في العينيِّ والقَسْطَلَّانيِّ، وفي نسخة «الفتح» سقط لفظ: (باب)، قالَ القَسْطَلَّانيُّ: وللأَصيليِّ وابن عساكر وأبي ذرٍّ: <قصَّة بدر>، وسقط لفظ: (باب) لأبي ذرٍّ.
          وقال في «الفتح»: ثبت لفظ: (باب) في رواية كريمة، و(بَدْرٍ)_بالفتح والسُّكون_: قرية مشهورة نُسبت إلى بَدْر بن مَخْلَد بن النَّضْر بن كِنَانة كَان نَزَلها، أو بدر اسمُ بئر بها، سُمِّيت بذلك لاستدارتها أو لصفاء مائها، وكان البدر يُرى فيها، وكذا في «الفتح» وزاد: وحكى الواقديُّ إنكار ذلك كلِّه عن غير واحد مِنْ شيوخ بني غِفَار، وإنَّما هي مأوانا ومنازلنا وما مَلَكها أحد قطُّ، يقال له: بدر، وإنَّما هو عَلَم عليها كغيرها مِنَ البلاد.
          قوله: ({وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} [آل عمران:123]) أي: قليلون بالنِّسبة إلى مَنْ لقيهم مِنَ المشركين، ومِنْ جهة أنَّهم كانوا مشاة إلَّا القليلَ منهم، ومِنْ جهة أنَّهم كانوا عارِين مِنَ السِّلاح، وكان المشركون على العكس مِنْ ذلك، والسَّبب في ذلك أنَّ النَّبيَّ صلعم ندب النَّاس إلى تلقِّي أبي سفيان لأخذِ ما معه مِنْ أموال قريش، وكان مَنْ معه قليلًا، فلم يظنَّ أكثرُ الأنصار أنَّه يقع قتال، فلم يجز معه منهم إلَّا القليل، ولم يأخذوا أُهْبة الاستعداد كما ينبغي بخلاف المشركين، فإنَّهم خرجوا مستعدِّين ذابِّين عن أموالهم.
          وأمَّا قوله: ({إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:124]) فاختَلف فيها أهل التَّأويل، فمنهم مَنْ قال: هي متعلِّقة بقوله: {نَصَرَكُمُ} [آل عمران:123]، فعلى هذا هي في قصَّة بدر، وعليه عملُ المصنِّف، وهو قول الأكثر، وبه جزم الدَّاوديُّ، وأنكره ابن التِّين فذهل، وقيل: هي متعلِّقة بقوله: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ} الآية [آل عمران:121]، فعلى هذا هي متعلِّقة بغزوة أحد، وهو قول عكرمةَ وطائفةٍ.
          ثم ذكر الحافظ تأييد الأوَّل، ثمَّ قال: وقد لمَّح المصنِّف بالاختلاف في النُّزول، فذكر قوله تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ} [آل عمران:121] في غزوة أحد، وكذلك قوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران:128] وذكر ما عدا ذلك في غزوة بدر، وهو المعتمد. انتهى مِنَ «الفتح».
          وفي «تاريخ الخميس»: وفي هذه السَّنة_أي الثَّانية مِنَ الهجرة_ وقعت غزوة بدر الكبرى في «معالم التَّنزيل» و«سيرة ابن هشام»، قال ابن إسحاق: كانت وقعة بدر يوم الجمعة صبيحة السَّابع عشر مِنْ رمضانَ على رأس ثمانية عشر شهرًا مِنَ الهجرة، وقيل: التَّاسع عشرَ مِنْ رمضان، والأوَّل أصحُّ، وكذا في «المنتقى»، وفي «المواهِبِ اللَّدُنِّيَّة»: بعد الهجرة بتسعة عشر شهرًا، وكان خروج المسلمين مِنَ المدينةِ لاثنتي عشرة ليلةً مضت مِنْ رمضانَ، وقال ابن هشام: لثمان ليالٍ خلونَ مِنْ رمضان.
          وفي «الاستيعاب»: وكانت غزوة بدر في السَّنة الثَّانية مِنَ الهجرة لسبع عشرة ليلةً خلت مِنْ رمضان، وليس في غزواته ما يُعدل بها في الفضل، ويقرب منها غزوة الحُديبية حيث كان فيها بيعة الرِّضوان، وقال ابن هشام: خرج يوم الاثنين لثمان ليالٍ خلون مِنْ شهر رمضان، واستَعمل على المدينة عمرَو بن أمِّ كلثوم_ويقال اسمه عبد الله بن أمِّ مكتوم_ على الصَّلاة بالنَّاس، ثمَّ رواها(1) لبابة مِنَ الرَّوحاء، واستعمله على المدينة، وكان المسلمون ثلاث مئة وثلاثة عشر رجلًا على عدد أصحاب طالوت يوم جالوت الَّذِينَ جاوزوا معه النَّهر، وقد ذكرهما الإمام البخاريُّ في «صحيحه»، وفي «المواهب»: كان عدد المشركين ألفًا، ويقال: تسع مئة وخمسين رجلًا. انتهى.
          وفي «المجمع»: خرج رسول الله صلعم إليه يوم السَّبت لاثنتي عشْرةَ مِنْ رمضان. انتهى. /


[1] في (المطبوع): ((ثم رد أبا)).