الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من أجاب السائل

           ░53▒ (باب: مَنْ أجَابَ السَّائِل...) إلى آخره
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: لمَّا كان الامتناع عن الفضول والإقبال عمَّن لا يُقبِل على حديثك قد أُكِّد في الرِّوايات، تُوُهِّم بذلك أنَّ الزِّيادة في الجواب داخلةٌ فيه، فدفعه أنَّه مندوبٌ لمَّا أمَرَنا بإشاعة العلم، ودلالة الرِّواية على ما في التَّرجمة ظاهرة، فإنَّ السَّائل إنَّما سأله عمَّا يلبسه، فأجيب بما يلبسه وبما يتركه وعن النَّعلين والخفَّين إذا لم يجد النَّعلين. انتهى.
          وفي «هامشه»: قال ابن المُنَيِّر: موقع هذه التَّرجمة التَّنبيه على أنَّ مطابقة الجواب للسُّؤال غير لازمٍ، بل إذا كان السَّبب خاصًّا والجواب عامًّا جاز، وحُمِل الحكم على عموم اللَّفظ لا خصوص السَّبب، لأنَّه جوابٌ وزيادة فائدةٍ، وأمَّا ما وقع في كلام كثيرٍ مِنَ الأصوليِّين أنَّ الجواب يجب أن يكون مطابقًا للسُّؤال، فليس المراد بالمطابقة عدم الزِّيادة، بل المراد أن يكون الجواب مفيدًا للحكم المسؤول عنه، قاله ابن دقيق العيد.
          قال ابن رشدٍ: هكذا في النُّسخ الموجود عندنا مِنَ «الفتح» والظَّاهر ابن رشيدٍ(1)(2) ختم البخاريُّ كتاب العِلم بـ(باب: مَنْ أجاب السَّائل بأكثر ممَّا سأل عنه) إشارةً إلى أنَّه بلغ الغاية في الجواب عملًا بالنَّصيحة واعتمادًا على النِّيَّة الصَّحيحة، كذا في «الفتح».
          ولا يذهب عليك ما تقدَّم في المقدِّمة في جملة خصائص البخاريِّ ما أفاده الحافظ ابن حجرٍ مِنْ أنَّ الإمام يشير في آخر كلِّ كتابٍ إلى ختمة الكتاب، وذكرت هناك أنَّ الظَّاهر عند هذا الفقير أنَّه ╩ يشير إلى خاتمة الإنسان، فيذكِّره موته، وتقدَّمت الإشارة إلى هذا الاختلاف بين هذا المبتلى بالسَّيِّئات، وبين الإمام الحافظ ابن حجرٍ في آخر كتاب الوحي أيضًا، فبراعة الاختتام هاهنا عند الحافظ في قوله: (وَلْيَقْطَعْهُمَا حتَّى يَكُونَا تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ) كما صرَّح بذلك في آخر «الفتح» والبراعة عندي في لباس المحرم، فإنَّه يذكِّر ويشبه أكفان الموتى. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».


[1] صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء، (رقم 247)
[2] قوله: ((هكذا في النُّسخ الموجود عندنا مِنَ «الفتح» والظَّاهر ابن رشيدٍ)) ليس في (المطبوع).