الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ما أقطع النبي من البحرين

          ░4▒ (باب: ما أَقْطَعَ النَّبيُّ صلعم مِنَ البَحْرَين...) إلى آخره
          قال الحافظ: اشتملت هذه التَّرجمة على ثلاثة أحكام، وأحاديث الباب ثلاثة موزَّعة عليها على التَّرتيب، فأمَّا إقْطَاعه صلعم مِنَ البَحْرَين فالحديث الأوَّل دالٌّ على أنَّه صلعم همَّ بذلك، وأشار على الأنصار به مرارًا، فلمَّا لم يقبلوا تركه، فنزَّل المصنِّف ما بالقوَّة(1) منزِلَة ما بالفِعل، وهو في حقِّه صلعم واضحٌ لأنَّه لا يأمر إلَّا بما يجوز فعلُه... وتقدَّم في كتاب الشِّرب في الكلام على هذا الحديث أنَّ المراد بإقطاعها للأنصار تخصِيْصُهم بما يتَحَصَّل مِنْ جِزيتها وخراجها لا تمليك رقبتها، لأنَّ أرض الصُّلح لا تُقْسَم ولا تُقْطَع بها، وأمَّا ما وعد مِنْ مال البحرين والجزية_وهو الجزء الثَّاني مِنَ التَّرجمة_ فحديث جابر دالٌّ عليه، وأمَّا مصرف الفيء والجزية_وهو الجزء الثَّالث مِنَ التَّرجمة_ فعطفُ الجزية على الفيء مِنْ عطفِ الخاصِّ على العامِّ لأنَّها مِنْ جملة الفَيء، وقد مرَّ تعريف الفيء، وحديث أنس المعلَّق يُشعر بأنَّه راجع إلى نظر الإمام يفضِّل مَنْ شاء بما شاء... وتقدَّم في الخمس أنَّ مصرِف الجزية مصرف الفيء، وتقدَّم بيان الاختلاف في مصرف الفيء، وأنَّ المصنِّف يختار أنَّه إلى نظر الإمام، والله أعلم. انتهى.
          قلت: وقال(2) الحافظ في (باب: فرض الخمس) اختلف العلماء في مصرف الفَيء؟ فقال مالك: الفَيء والخُمس سواء يُجعلان في بيت المال، ويعطي الإمام أقارب النَّبيِّ صلعم بحسب اجتهاده، وفرَّق الجمهور بين خمس الغنيمة وبين الفيء، فقالوا: الخُمس: موضوع فيما عيَّنه الله تعالى فيه مِنَ الأصناف في آية الخُمس مِنْ سورة الأنفال لا يتعدَّى به إلى غيرهم، وأمَّا الفيء فهو الَّذِي يرجع النَّظر في مصرفه إلى رأي الإمام بحسب المصلحة، وانفرد الشَّافعيُّ كما قال ابن المنذر وغيره بأنَّ الفَيء يخمَّس، وأنَّ أربعة أخماسه للنَّبيِّ صلعم وله خمس الخمس كما في الغنيمة وأربعة أخماس الخمس لمستحقِّ نظيرها مِنَ الغنيمة، وقال الجمهور: مصرف الفيء كلِّه إلى رسول الله صلعم، واحتجُّوا بقول عمر: فكانت هذه لرسول الله صلعم خاصَّة، وتأوَّل الشَّافعيُّ قول عمر المذكور بأنَّه يريد الأخماس الأربعة. انتهى.
          وفي «الدُّرِّ المختار»: ومصرف الجزية والخراج ومال التَّغلبيِّ وهديَّتهم للإمام، وما أُخذ منهم بلا حرب، ومنه تركة ذمِّيٍّ وما أخذه عاشرٌ منهم، مصَالِحُنَا كسدِّ ثغور وبناء قَنْطرة وجسرٍ وكفاية العلماء والمتعلِّمين والقضاة والعمَّال ورزق المقاتلة وذراريِّهم، وهذا مصرفُ جزيةٍ وخراج. انتهى.
          وقال ابن قُدامة(3) (4) . /


[1] في (المطبوع): ((بالقول)).
[2] في (المطبوع): ((قال)).
[3] قوله: (( وقال ابن قدامة)) ليس في (المطبوع).
[4] كذا في الأصل.