الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا شهد شاهد أو شهود بشيء فقال آخرون

          ░4▒ (باب: إذا شَهِد شَاهِد أو شُهُود(1) بشيءٍ، فقال آخرون: ما عَلِمْنَا ذلك )
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: أراد بالشَّهادة أعمَّ منها ومِنَ الإخبار، فصحَّ إيراد حديث الفضل في هذا الباب، ودلالة الرِّواية عليه ظاهرة، فإنَّه اعتبر إخبار المرأة السَّوداء وإثباتها الرِّضا(2)، ولم يعتبر إخبار النَّافي وإن كان اعتبار إخبارها في التَّقوى دون الفتوى، ولا يضرُّ ذلك، لأنَّ قوله في التَّرجمة: (يَحْكُمُ بقَوْلِ مَنْ شَهِدَ) أعمُّ مِنَ الحكم الواجب والمبنيِّ على الاحتياط. انتهى.
          وفي «هامشه»: قد تقدَّم هذا في باب العشر، وأنَّ المُثْبِت مقَدَّم على النَّافي، وهُو وِفَاقٌ مِنْ أهل العِلم إلَّا مَنْ شذَّ ولا سيَّما إذا لم يتعرَّض إلَّا لنفي علمه، وأشار إلى ذلك بقوله: (وكذلك إن شهد شاهدان...) إلى آخره وقد اعترض بأنَّ الشَّهادتين اتَّفقتا على الألف، وانفردت إحداهما بالخمس مئة، والجواب أنَّ سكوت الأخرى عن خمس مئة في حكم نفيها(3). انتهى.
          وتعقَّب العينيُّ على قول الحافظ: وهو وفاق مِنْ أهل العِلم؛ إذ قال: فيه خلاف، فقال الكَرْخِيُّ: المثبِت أولى مِنَ النَّافي، وقال عيسى بن أبان: يتعارض المثبِت والنَّافي، فلا يترجَّح أحدهما على الآخر إلَّا بدليل مرجِّح... إلى آخر ما قال. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».
          (قوله: هذا كما أخبر بلال...) إلى آخره قالَ القَسْطَلَّانيُّ: وإطلاق الشَّهادة على إخبار بلال تجوُّزٌ.
          وقالَ الكَرْمانيُّ: فإن قلت: ليس هذا مِنْ باب ما علمنا، بل هما متنافيان، لأنَّ أحدهما قال: صلَّى، والآخر قال: لم يصلِّ؟ وأجاب: بأنَّ قوله: (لم يصلِّ) معناه: أنَّه ما علم أنَّه صلَّى، قال: ولعلَّ الفضل كان مشتغلًا بالدُّعاء ونحوه، فلم يره صلَّى، فنفاه عملًا بظنِّه. انتهى.


[1] قوله: ((أو شهود)) في (المطبوع).
[2] في (المطبوع): ((الرضاع)).
[3] فتح الباري:5/251