الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

حديث أما بعد فإني أتيت النبي قلت أبايعك على الإسلام

          58- قوله: (حتَّى يَأْتِيَكُمْ أَمِيرٌ) بدل أميركم المتوفَّى المغيرة، (فَإِنَّمَا يَأْتِيكُمُ الآنَ) والمراد: زيادٌ، إذ ولَّاه معاوية ☺ بعد وفاة المغيرة الكوفة، أو المراد الآن حقيقةً، فيكون المراد جريرًا نفسه، إذ ولَّاه المغيرة عند موته، كذا في القَسْطَلَّانيِّ.
          وفي «اللَّامع» إنَّما أمرهم بالتَّقوى، لأنَّ خلوَّ البلد عن أميرٍ أدعى لهم إلى الفساد وارتكاب المعاصي، لعدم مَنْ يقيم الحدود والتَّعازير، فأوصاهم بتقوى الله لذلك.
          وفي «هامشه» كان المغيرة واليًا على الكوفة في خلافة معاوية، وكانت وفاته سنة خمسين مِنَ الهجرة، واستناب عند موته ابنه عروة، وقيل استناب جريرًا المذكور، ولهذا خطب الخطبة المذكورة. انتهى.
          وقوله: (الآن) منصوبٌ على الظَّرفيَّة، قال الكرمانيُّ: إمَّا أن يراد(1) به حقيقته فيكون المراد(2) جريرًا نفسه، أو يريد بالمدَّة(3) القريبة مِنَ الآن، فيكون ذلك الأمير زيادًا، إذ ولَّاه معاوية الكوفة. انتهى مختصرًا.
          وقال الكرمانيُّ: الوقار _بفتح الواو_: الحلم والرَّزانة، والسَّكينة: السُّكون والدَّعة، وباتِّقاء الله إشارةٌ إلى ما يتعلَّق بمصالح الدِّين، والوقار والسَّكينة إلى ما يتعلَّق بمصالح الدُّنيا، وإنَّما نصحهم بالحلم والسُّكون لأنَّ الغالب أنَّ وفاة الأمير تؤدِّي إلى الفتنة والاضطراب مِنَ النَّاس والهرج والمرج، وذكر الاتِّقاء لأنَّه ملَاك الأمر ورأس كلِّ الخير. انتهى.
          وتقدم الكلام في المقدمة على براعة الاختتام في آخر كل كتاب، وهي هاهنا عند الحافظ في قوله ثم استغفر ونزل، فإن النزول إشارة إلى انقراض الخطبة وختمها، والأوجه عندي في ذكر موت الأمير، فإن الموت يذكر الموت.


[1] في (المطبوع): ((يريد)).
[2] في (المطبوع): ((فيكون ذلك الأمير)).
[3] في (المطبوع): ((به المدة)).